«عربة مليئة بالقطن» لفرقة المسرح العربي... عرض متكامل
سماح فجرت طاقتها وقدمت حالة من الإبداع التمثيلي والاحترافي
نجحت فرقة المسرح العربي العريقة في تقديم عرض يليق بسمعتها وتاريخها من خلال "عربة مليئة بالقطن" للمخرج أحمد الشطي.
قدمت فرقة المسرح العربي العرض الثاني في المسابقة الرسمية لمهرجان الكويت المسرحي السادس عشر، تحت عنوان "عربة مليئة بالقطن" للكاتب الأميركي تينسي وليامز وإخراج أحمد الشطي. وقبل الولوج إلى العرض المسرحي، لابد من التوقف قليلاً عند المؤلف تينسي وليامز أعظم كاتب مسرحي ظهر في القرن العشرين، وقد ولد في مدينة كولمبوس بولاية ميسيسبي الأميركية عام 1911، وتوفي في نيويورك عام 1983. يشار إلى أن تينسي اسم مستعار أما الاسم الحقيقي فهو ثوماس، وقد انطلقت شهرته مع مسرحيتين كتبهما ببراعة، هما "حديقة الحيوانات الزجاجية" 1944، و"عربة اسمها الرغبة" 1947، اللتان حولتهما هوليوود إلى فيلمين سينمائيين. وكتب تينسي خمساً وعشرين مسرحية، وروايتين، ورواية قصيرة، وستين قصة قصيرة، وأكثر من مئة قصيدة، وكتاب سيرة ذاتية واحداً، ونال العديد من الجوائز، لعل أهمها جائزة بولتزر للمسرح عام 1948 عن مسرحية "عربة اسمها الرغبة". أما عرض فرقة المسرح العربي، فعنوانه الأصلي "سبع وعشرون عربة مليئة بالقطن"، وتدور أحداثه حول جيك وزوجته الساذجة فلورا، حيث يطل جيك عليها مترنحاً وبعدم اكتراث، وسرعان ما تنفجر غضباً منه، لأنه تركها وحيدة وقد تملكها صداع قوي، ولم يوف بوعده في اصطحابها إلى المدينة حيث كانت في انتظاره، عندما ذهب ليشاهد انفجارا، فيحاول جيك أن يملي عليها بقسوة ما يريد أن تقوله أمام الآخرين، بأنه كان موجوداً معها أثناء العشاء. وبعد قسوته عليها، يداعب جيك فلورا بكلمات جميلة. ويلتقي جيك جاره أو عدوه سيلفا فيكارو الذي احترق محلجه، ويفتخر جيك أمامه بأنه متزوج من امرأة كالدمية، ثم يطلب منها أن تهتم براحة السيد فيكارو، إلى أن ينتهي من حلج 27 عربة من القطن، مذكراً بأنها سياسة حسن الجوار "تنفعي انفعك". تسرد فلورا ببلادة بعض مغامراتها الطائشة قبل الزواج مع أولاد عائلة بيترسون، أما فيكارو فيستدرجها بذكائه إلى الاعتراف، فتتفوه بموضوع محلج القطن، مما يثير الشكوك عند فيكارو حول زوجها جيك بأنه هو من وقف خلف حريق محلجه متعمداً. ودون أن تدري فلورا تكشف عن السر الذي طلب جيك أن تخفيه عن الآخرين، ودون إدراك تسرد ما حصل بالفعل، عندما ذهب جيك في تلك الليلة وتركها وحيدة، وبدلاً من أن يأخذها إلى المدينة كما وعدها، ألح أن يرى محلج فيكارو المحترق، ويستدرجها فيكارو ببعض الألفاظ ليعثر على الحقيقة ألا وهي جريمة اشعال الحريق عمداً. فيقرر فيكارو تطبيق فكرة سياسة حسن الجوار كانتقام بشع من جيك، بعملية اغتصاب ثأرية، ويرحل بعد إتمامها في كوخها. يعود زوجها جيك متعباً بعد أن حلج 27 عربة مليئة بالقطن، معتقداً أنه قد تفوق على فيكارو في الذكاء، ولم ينتبه إلى كلام زوجته جيداً بأن فيكارو قد يعود بسبع وعشرين عربة أخرى مليئة بالقطن. في العرض الذي قدم حكاية اغتصاب رجل تعتمل في صدره رغبة الانتقام لامرأة كبيرة الجسد تتصرف كالأطفال ذات زوج بلغ من الغباء بحيث لم ير ما كان يدور حوله، استطاع المخرج ان يقدم معادلة إيقاعية سليمة لعناصر العرض المسرحي، وسينوغرافيا معبرة عن كل حالة على حدة مثل مشهد الاغتصاب باستخدام خيال الظل، ولقاء مرتكب جريمة الحريق والمجني عليه. أما بشأن الأداء التمثيلي، فقد فجرت الممثلة سماح طاقاتها باقتدار كبير في استخدام جميع أدواتها وإمكاناتها التمثيلية في انتقالها من حالة نفسانية إلى أخرى، بإبداع واحتراف واضحين، أما الممثلان أوس الشطي وعبدالله القلاف فقد أديا ما يتطلب منهما بشكل جميل. يبقى أن نقول إن المخرج أحمد الشطي نجح في تقديم عرض متكامل، مستغلاً أدواته وحلوله الإخراجية بأحسن وجه، وهذا يدل على حالة النضج الفني التي وصل إليها، وهو الآن يمثل المرحلة الرابعة من مسيرة فرقة المسرح العربي، إذ كانت المرحلة الأولى والتأسيس مع المخرج والرائد المسرحي زكي طليمات، والمرحلة الثانية مع المخرج الراحل حسين الصالح الدوسري، والمرحلة الثالثة مع المخرج القدير فؤاد الشطي.