حملت زيارة العسكريين الروس إلى تل أبيب يوم الثلاثاء الماضي في طياتها أبعاداً أكبر من تنسيق الطلعات الجوية لتفادي حوادث محتملة في الأجواء السورية، بحسب خبير عسكري أكد لـ"الجريدة" أن محادثات نائب رئيس الأركان الروسي الجنرال نيكولاي بوغدانوفسكي ونظيره الإسرائيلي الميجر جنرال يائير غولان تناولت حجم دولة الرئيس بشار الأسد الجديدة أو الدويلة العلوية وتثبيتها على امتداد الساحل، إضافة إلى أجزاء كبيرة من دمشق وضواحيها والقلمون والزبداني.

Ad

ورغم عدم منطقية تعاون البلدين ظاهرياً في حال الأخذ بالحسبان أن روسيا تدعم الأسد وإسرائيل تكن له العداء، أفاد المصدر، الذي تحدث إلى "الجريدة" مشترطاً عدم ذكر اسمه، بأنه في الواقع تلتقي مصلحتاهما مع بقائه ولو على 20 في المئة فقط من أرض سورية، التي تعرفها الاستخبارات الإسرائيلية جيداً وتراقب كل تحرك فيها، وهو ما يحتاج إليه الروس حالياً.

ووفق الخبير العسكري، فإن اللقاءات، التي وضع نواتها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 21 ‭‬‬سبتمبر بموسكو، توصلت إلى الاتفاق على إفساح المجال الجوي السوري أمام الطيران الروسي والإسرائيلي لأهداف كل منهما المختلفة عن الآخر، فبينما تحاول موسكو استهداف كل منظمة معارضة للأسد، تستهدف إسرائيل ما تراه يمس أمنها أو يخل بتوازن الأسلحة الفتاكة وتحديداً المنقولة إلى "حزب الله" في لبنان.

وبحسب المصدر، تعهدت موسكو بكبح "حزب الله" ومنعه حيازة أسلحة متطورة وعلى رأسها الصواريخ المضادة للطائرات والموجهة ذات الدقة العالية، ووعدت أيضاً بإخرج عناصره من القنيطرة وعدم فتح جبهة على الجولان وتكثيف الجهود للحفاظ على بقاء الغرب السوري تحت سيطرة الجيش النظامي والروسي، وهذا الذي دفع نتنياهو إلى القول علناً إنه الآن أصبح لإسرائيل حدود مع روسيا.

في المقابل، قال المصدر إن إسرائيل فتحت مجالها الجوي أمام الروس وطائراتهم، وتعتزم منحهم مطاراً عسكرياً في شمال إسرائيل إذا احتاجوا إلى ذلك، كما تبقى حرية تحرك المقاتلات الروسية في الأجواء اللبنانية والسورية واستمرار التصوير والمراقبة.

وأضاف المصدر أن الاتفاق شمل عمل جيش الأسد من ناحيته على تفادي الإسرائيليين وتركيز جهوده على الحفاظ على الدويلة العلوية وعدم الانسياق وراء فتح جبهة مع إسرائيل قد تشكل الضربة القاضية له، مبيناً أن نائبي الأركان الروسي والإسرائيلي اتفقا كذلك على سلسلة من الخطوات رفضا الإفصاح عنها وتتمحور حول التعاون العسكري وتبادل الاتصالات وكلمات السر وغير ذلك.

ولفت مصدر آخر مطلع إلى أن التدخل الروسي وإن لم يعجب الأميركيين، فإن تل أبيب تلقفته حتى تحافظ على تفوقها العسكري وتستخدمه كورقة أخرى يضغط بها نتنياهو على الرئيس باراك أوباما لاتفاقه مع إيران والنزاعات الأخرى في الشرق الأوسط، مبيناً أن إسرائيل لا مشكلة لديها في التنسيق بدقة وعمق مع روسيا حليفة عدوتها طهران.

وإذ استبعد المصدر تنسيقاً إسرائيلياً- إيرانياً يشمل "حزب الله" بأي شكل، فإنه لم يستبعد وجود اتصالات عبر الروس مع الأسد لتنسيق أمور تتعلق بهضبة الجولان وترتيب أمور الحدود مع الدولة الجديدة المرتقب تشكيلها بعد الحرب، مشيراً إلى أن إسرائيل مستعدة لمساندة إعادة القنيطرة كمنطقة منزوعة السلاح لخلق امتداد جغرافي للنظام مع جبل العرب.