{المرأة} في السينما أنماط متعددة: الأم والزوجة والعاملة

نشر في 26-06-2015 | 00:01
آخر تحديث 26-06-2015 | 00:01
شكَّلت صورة المرأة في الفن السابع جزءاً أساسياً من ذاكرة السينما العربية عموماً والمصرية خصوصاً، وتم تناولها عبر مراحل سياسية وفنية بدءاً من نشأتها مروراً بمحطات تطورها، لتعكس فروقاً واضحة بين نوعيات عدة من الأفلام اختلفت معالجتها لقضايا المرأة في السينما وعلاقتها بالواقع والمجتمع.
فهل صورة المرأه جاءت انعكاساً لوضعها في الواقع، أم مجرد {شيء} لزوم الشيء؟
تقول الناقدة الفنية ماجدة خيرالله إن ثمة معايير لنحكم بها على ظهور المرأه سينمائياً، وللتفرقة بين ما جاء في مضمون وشكل تلك الأفلام التي طرحت هذه الإشكالية وتحدثت عن المرأة ومشاكلها، مؤكدة أن أول معيار هو نوعية الأفلام من حيث كونها استهلاكية أو تجارية أو ذات جودة فنية حقيقية.

وأوضحت خيرالله أن المعيار الثاني هو {الأنماط والأشكال}، حيث تعددت الشخصيات التي عرضت لقضايا النساء في السينما سواء في فترات قديمة أو أخرى حديثة، وقد تم تمثيلها على سبيل المثال كأم طيبة في مقابل حماة متسلطة تحاول أن تبسط سيطرتها، أو زوجة شريرة في مقابل أخرى طيبة أو فتاة حالمة تقابلها أخرى متسلطة، والكثير من ثنائيات تعكس تناقضات أو فروقات بين أفلام عدة تناولت {الثيمة} ذاتها. كذلك قسمت خيرالله {سينما المرأة} إلى فترات تاريخية عدة، كالتالي: الخمسينيات وتتضمن {بنات اليوم} 1956، {أنا حرة} 1959، {الحرام} 1965. فترة الانفتاح وفيها {إمبراطورية ميم} 1972، {أريد حلا} 1975، {السقا مات} 1977، {لا تظلموا النساء} 1978. إنتاجنا المعاصر وتتضمن {الشقة من حق الزوجة} مروراً بـ{أريد خلعاً} و{سهر الليالي}، حتى فيلم {واحد صفر} منذ سنوات.

وتوضح خيرالله إنه في فترات ثورة يوليو ظهرت المرأة كشخصية قوية، وعبرت الدولة عن توجه لها ناحية تحرير المرأة، وهو ما تمت ترجمته سينمائياً في الأفلام سابقة الذكر من هذه الفترة. كذلك وظفها المنتجون ضمن أعمال استهلاكية وتجارية شأنها شأن كثير من الأشكال السينمائية الأخرى.

سطحية أو راقية

بدوره يقول المخرج إبراهيم بطوط إن التصنيف إلى قديم وحديث غير معبر بشكل دقيق عن {المرأة} في السينما، فقديماً شهدنا أعمالاً جيدة وأخرى ليست على المستوى نفسه، تماماً كما اليوم ثمة أفلام سطحية وأخرى {راقية} سينمائياً.

وأوضح أنه كما عرضت الأفلام قديماً مشكلات المرأة والتحديات التي واجهتها، نرى أعمالاً أخرى حديثة تولت الدور نفسه، و{واحد صفر} أحد أصدق الحالات تعبيراً عن الضغط الذي يمارسه المجتمع مع المرأة. كذلك ثمة نوعية أخرى من الأفلام في الفترة نفسها مثل {الثلاثة يشتغلونها}. بالتالي، تجد نوعيات مختلفة من الأفلام في فترة زمنية واحدة.

ويتطرق بطوط إلى أفلام فترات سينمائية قديمة من عمر هذا الفن في البلاد موضحاً: {ثمة أفلام لا نزال نذكرها أبرزها {بنات اليوم} في الخمسينيات وآخر أوائل التسعينيات هو {أحلام هند وكاميليا}. ويشير إلى أن ملاحظته عليها هي توظيفها من الدولة في فترات تاريخية معينة، مبيناً أنه خلال الانفتاح، وسط ما عصف بالمجتمع المصري من ظواهر سلبية، نجد أفلاماً تنقل رؤية المخرج لا المشهد الحقيقي للمصريين، ضمن أفلام استهلاكية بحتة تهدف  إلى الربح فحسب.

ثورة يوليو

ويتابع: {كانت أفلام ثورة يوليو الأكثر تعبيراً عن شخصية المرأة التي أظهرتها كشخصية فاعلة، ونموذج غير مستسلم، أبرزها {أنا حرة}، بينما عبرت أفلام السنوات الأخيرة عن مشاكل بعضها مفتعل وأخرى حقيقية تخص المرأة كالتحرش والعشوائيات وزواج القاصرات وقضية الختان، وهي مواضيع متعددة جاءت إلى جانب صورة المرأة وهي فتاة جامعية حالمة تنتظر من تحب لتنتصر قصة حب معتادة.

في السياق نفسه تقول د.  منى الصبان، أستاذة المونتاج في معهد السينما، إن وضع المرأة في المجتمع حدّد ملامحها في السينما، ونجد الكثير من التحديات التي تواجهها في أعمال فنية سينمائية ودرامية.

بحسب الصبان، التطورات التي لحقت بالمرأة كثيرة ولكن الأنماط التي ظهرت بها أكثر سواء كفلاحة أو عاملة أو مديرة أو زوجة مقهورة أو منتصرة ومقيدة أو متحررة، مشيرة إلى أنها ترى في مجموع تلك الأفلام أمراً إيجابياً في النهاية، لأنها ساعدت جميعها على محاربة المرأة الجهل وانتشار الفقر والمرض والتفسيرات المغلوطة لأحكام الدين بشأنها.

وتوضح الصبان أن الحديث عن اختلافات واضحة بين الأفلام التي تناولت المرأة يؤدي إلى {مقاربات} أكثر منها {مفارقات}، ففنياً ظهرت المرأة وهي تعاني مشكلات نتيجة التقاليد، ثم طغت عليها مشكلات ربة المنزل، لتصل في  النهاية إلى الحديث عن المرأة العاملة، وأخيراً المتحررة الناجحة إلى حد كبير.

وتضيف الصبان أنه من خلال تحليل المضمون الذي ظهرت من خلاله فكرة المرأة عموماً في السينما، نجد أفلاماً جعلت منها شخصية هامشية، وأخرى تصورها بشكل رئيس، وبعضها يعكس جانباً سلبياً منها، والبعض الآخر بارع تماماً في عرض نمط محايد يتفق مع كون ما يتم تقديمه هو منتج فني قائم على الإبداع وليس على المغالطات والتضليل.

وترى أن التقلبات التي أصابت صورة المرأة في الأفلام السينمائية لا علاقة لها بفكرة الفترات الفنية، قدر ما تتعلق بأعمال تكمل جميعها المشهد السينمائي المتعلق بالمرأة في السينما، في كل متواز لا متقاطع، سواء أفلام قديمة أو حديثة، جيدة أو رديئة، قيمة أو سطحية، مشيرة إلى أن التطورات في الشخصية كانت رهينة الظروف المجتمعية والمنظومة القيمية الموجودة في مجتمع ما تعد المرأة نصفه تقريبا.

back to top