الحاجة إلى السرد
![ناصر الظفيري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1497859964459581700/1497859964000/1280x960.jpg)
ما يحدث أن الكاتب يختار في أغلب الأحيان الجنس الأدبي، في محاولة للوصول إلى التعبير الأكثر تأثيراً والمباشر أحياناً عبر وسائل إعلامية ومحافل منبرية يتواصل بها مع جمهوره، وهو ما يحققه الشعر ولا يحققه السرد، الذي يحتاج إلى صبر ومشقة في الكتابة والمتابعة.هذه الحالة الفلسطينبة والناجحة في حينها تتشابه إلى حد بعيد مع حالة البدون في الحاجة إلى التعبير عن معاناة النفي داخل الوطن أو حالة الاغتراب عنه باللجوء إلى الشعر كطريق مباشر للتواصل مع القارئ. لدينا أسماء كثيرة كسعدية مفرح، ودخيل الخليفة، ومحمد النبهان كجيل سابق لزملاء لهم مازالوا يستخدمون الشكل الشعري كشهد الفضلي وبشاير العبدالله، وفي المقابل يتضاءل العمل السردي لدى الكتاب، ورغم مرور زمن ليس باليسير على القضية ومكابداتها فإنها كانت فقيرة سردياً مقارنة بنجاحها شعرياً. ويمكن للمتابع أن يرى تطور السرد في حالة الاستقرار لدى الآخر الكويتي، والذي لا يعاني انفصاله عن وطنه كما هو الحال لدى أقرانه من البدون. وما ينطبق على الحالة الفلسطينية يكاد ينطبق على الحالة الثانية، فالشعر هنا لم يكن اختياراً حراً للكاتب إنما هو الوسيلة الأكثر قدرة على إيصال الرسالة التي يرغب الكاتب في إيصالها.اليوم يتراجع الشعر في الحالتين الفلسطينية وحالة البدون أمام السرد الذي يحتل المساحة الأكثر تأثيراً لدى القراء والشكل الذي كان يصلح في سنوات سابقة لم يعد القناة التي تستأثر بالمتابعة والاهتمام. وربما لا نستطيع أن نذهب بعيداً في الطلب من الشعراء الذين تكرست أسماؤهم للعودة الى كتابة السرد، رغم أن ذلك ممكن ومارسه مجموعة من الشعراء العرب بغض النظر عن درجة النجاح، ولعل أبرزهم إبراهيم نصرالله وسليم بركات، ولكنني أرى إمكانية أن يتجه الشباب الى السرد كشكل كتابي أكثر انتشاراً وتأثيراً. وربما يحمل لنا المستقبل مجموعة من كتاب السرد مستفيدين من قراءاتهم السردية وانتشار السرد بين القراء.