ما بين كوبا والكويت

نشر في 20-06-2015
آخر تحديث 20-06-2015 | 00:01
 علي عبدالعزيز أشكناني ما بين كوبا والكويت اختلافات شتى، دون ذكر المسافة البعيدة، فتلك الرحلة التي تستغرق ما يقارب ٢٥ ساعة مع التحويلات بين المطارات، تنقلك حرفياً إلى حقبة مختلفة في الزمان والمكان معاً، فتلك الجزيرة الاشتراكية التي كادت أن تكون طرفاً في حرب عالمية ثالثة يصعب الوصول فيها إلى الإنترنت، مما عزلها عن بقية العالم، فحافظت على تراثها وأصالتها، فيا لسوء حظهم وحسن حظنا نحن السياح.

في هافانا يستمتع الشخص بالتواصل الاجتماعي على الطراز القديم، فالحديث حيث تلتقي العيون، يمشون مرفوعي الرأس فلا هواتف مزودة بالإنترنت تشغلهم، حيث يمكنك الاستمتاع بما يدور حولك، بتلك المباني القديمة، وتلك السيارات التي تحدت سطوة الزمن، وعلى شارع «ماليكون» الذي يعد شارع الكورنيش الخاص بهم، تجد العشاق والأصدقاء يتسامرون، ويتمازحون، ويأكلون ويتواصلون بشكل طبيعي باهتمام كامل، فيتحدثون عن حياتهم الحقيقية بمواقف أيامهم، بتطلعاتهم، وهو ما يجعل هافانا والشعب الكوبي مميزين بشكل خاص، فلم تنحدر بهم التكنولوجيا إلى ساحات التفاهة.

نحن في الكويت أصبحنا نتحدث مع بعضنا عبر مجموعات «الواتساب»، نتمازح بـ»تويتر»، نعرف تفاصيل أيامنا من خلال الإنستغرام والسناب تشات، وعندما نجلس فعلياً يكون تواصلنا غير طبيعي وجافاً ومتقطعاً على حسب نشاطات مواقع التواصل الاجتماعي التي في أجهزتنا، وأحاديثنا أصبحت كلها متعلقة بالنجوم الافتراضيين، بعضهم لا يملك شيئاً على أرض الواقع، فهو إما مهرج مضحك أو جميلة فارغة، أصبحت حياتنا ليست لنا، بل نعيش حياة أخرى لم نستطع أن نبنيها في الحقيقة.

أصبح همّ الكثير زيادة عدد المتابعين، لا يهم ما الوسيلة، ولا تهم الطريقة، يتصنع شخصية أخرى، ويضع اسمه على صور وفيديوهات لا تخصه، ويترقب الأخبار، أموات في جسد أحياء، فلتعيشوا حياتكم لا حياة غيركم، فالحياة في الواقع أجمل منها في الشاشات، فكونوا ما تريدون في حقيقتكم لا خلف أزرار أجهزتكم، وارحموا أنفسكم يرحمكم الله.

back to top