منذ انطلاق المفاوضات النووية مع إيران، كان معظم التكهنات يتوقع النتيجة التي تم التوصل إليها، بل إن هناك من يسأل عن أسباب تأخير إعلانها 14 يوماً عن الموعد الأصلي، مع أن النتيجة واحدة.
أغلب الظن أن الأمر مرتبط بتلبية «رغبات إيرانية» كانت تلح على الحفاظ على ما يمكن وصفه «بماء الوجه» الضروري لتسويق «الانتصار» للشعب.أي قراءة أولية لبنود الاتفاق تظهر، بلا أدنى شك، أن الإيرانيين أذعنوا «بالجملة» لشروط المجتمع الدولي، في حين أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما بوضوح أن الاتفاق يمنع إيران عملياً من تطوير أي سلاح نووي أكثر من عقد ونصف من الزمن.نيكولاس بيرنز مساعد وزير الخارجية الأميركية السابق ومهندس حزمة العقوبات الشهيرة، التي مررها مجلس الأمن في عامي 2006 و2007، وصف الاتفاق بأنه «مؤلم لكنه حكيم أيضاً»، موضحاً أنه «قد يكون اختتاماً لمرحلة وبداية صراع طويل من أجل احتواء إيران ولمزيد من الدراما في العلاقة معها».وأبرزت محطات التلفزة الأميركية ووسائل الإعلام المكتوبة رهانين ينقسم حولهما المحللون والمسؤولون والمرشحون الرئاسيون. الأول يراهن على أن الاتفاق يقود إلى تصعيد «العدوانية» الإيرانية ويهدد استقرار المنطقة، ويعرض حلفاء واشنطن خصوصاً إسرائيل والدول السّنية لأخطار جدية، بعد رفع العقوبات وتمكن طهران من استخدام عائداتها الضخمة في مشاريعها السياسية التوسعية في المنطقة.ويشير الرهان الثاني إلى اقتناع عميق بأن ذلك الخطر قد لا يكون ميكانيكياً. ولا أحد يراهن على إذعان طهران سريعاً لشروط التحول إلى دولة طبيعية، وقد يكون استخدام «الرفض» الإسرائيلي للاتفاق، إحدى الأدوات الرئيسة لإبقاء الضغط مسلطاً على طهران لضمان عدم انحرافها نحو الخيار السالف الذكر.هذا الاتجاه يعززه نقاش مستفيض حول ضرورة الاستفادة من أحداث تاريخية مشابهة، أقدمت خلالها الولايات المتحدة على تجارب أقسى وأكثر راديكالية.هذا ما جرى مع الصين قبل أكثر من 40 عاماً مع زيارة الرئيس ريتشارد نيكسون التاريخية لبكين، وما رافقها من حملات تشكيك واتهامات لواشنطن بأنها باعت حلفاءها في المنطقة، من اليابان إلى تايوان إلى الفلبين.وها هو زعيم الحزب الشيوعي الفيتنامي يزور البيت الأبيض باحثاً عن دور ومستقبل سياسي واقتصادي لبلاده، برغم أنهار الدماء، التي سالت بين الطرفين، في حين أن افتتاح سفارتي واشنطن وهافانا يسير على قدم وساق.أحد المراهنين على أن إيران لا تتجه إلى الصدام بعد استعادتها لمواردها وتوظيفها في خدمة مشاريع هدامة، يسأل عن الحروب التي خاضتها طهران ضد «الشيطان الأكبر».وباستثناء حربها مع بغداد في ثمانينيات القرن الماضي، فإن كل الحروب التي خاضتها كانت حروباً بالوكالة زعزعت كيانات المنطقة لتسهيل تسللها إلى نسيجها وحجز مقعد لها بين القوى الإقليمية. بهذا المعنى هي حروب «مضبوطة» في سياق مرجعية عامة تشرف عليها واشنطن. غير أن أحد المسؤولين، الذين شاركوا في جولات التفاوض، يقول إنه من المفيد الانتباه إلى قضيتين وردتا في الاتفاق. الأولى تتعلق باستمرار حظر بيع السلاح خمس سنوات، وهو مطلب كانت «تلح» روسيا على رفعه سريعاً. والثانية تتعلق باستمرار الحظر على الصواريخ البالستية ثماني سنوات.هذان المطلبان بقيا تحت طائلة العقوبات، وذلك يعني أن درء خطر انحراف طهران نحو نشاطاتها العدوانية سيبقى تحت المراقبة، في حين لا يستطيع أحد التكهن بما يمكن حدوثه بعد سنوات في إيران ولا في روسيا نفسها.
آخر الأخبار
هل بدأت مرحلة احتواء إيران بعد الاتفاق النووي؟
17-07-2015