بعد جولة المفاوضات الأولى التي جرت بين واشنطن وموسكو والرياض وأنقرة في فيينا الأسبوع الماضي، لنقاش آفاق الحل السياسي في سورية، تشير المعطيات إلى إمكان نجاح الجهود لعقد «اجتماع فيينا 2» الموسع نهاية هذا الأسبوع.

Ad

غير أن أوساطاً أميركية ترغب في مواصلة تحفظها بشأن ما يمكن إحرازه في هذا الملف، مشككة في ردود أفعال بعض الأطراف الإقليمية، التي بدا أنها استُبعِدت، على الأقل في هذه المرحلة. وبالطبع المقصود هنا إيران، التي ظهرت دولة «عادية» بالقياس إلى ما بذلته واستثمرته من جهود سياسية واقتصادية وعسكرية على مدى عقد كامل في سورية.

وتقول تلك الأوساط إن التدخل الروسي المباشر في الحرب السورية قلص عملياً الدور الإيراني، ليس فقط في هذا البلد، بل على الأرجح في المنطقة برمتها، كما بدا للوهلة الأولى أن مطلب كفّ اليد الإيرانية عن التدخل في شؤون المنطقة، والذي تلح عليه دول الخليج، خصوصاً لدى واشنطن، في طريقه إلى التحقق، عبر حضور اللاعب الروسي بثقليه السياسي والعسكري.

ويهمس البعض بأن تنسيقاً أميركياً ــ روسياً أفضى إلى هذه النتيجة، خصوصاً أن الخوف من خطر «الأصولية الإسلامية» لا يختصر في الأصولية السّنية فقط.

وبينما تجزم الأوساط بأنه لا عودة لسورية السابقة، فإن مرحلية اللحظة الراهنة للصراع في المنطقة قد تمتد سنوات، الأمر الذي يتطلب إدارة مختلفة لملفاتها قبل الوصول إلى مرحلة جديدة من إعادة رسم خرائطها.

وتقول تلك الأوساط، إن أقصى ما يُطمح إليه في هذه المرحلة، هو محاولة رسم حدود الدويلات ومناطق النفوذ لشتى اللاعبين الإقليميين والدوليين سواء داخل سورية أو خارجها، فضلاً عن محاولة التوصل إلى تفاهمات سياسية وميدانية تخفف من وطأة النزيف البشري والمادي، ومن تدفق اللاجئين، خصوصاً نحو أوروبا، بما يسمح بتجديد دورة الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في هذا البلد.

وهذا ما قد ينسحب على العراق أيضاً، بعدما بدا واضحاً أن اليد الروسية لن تمتد إلى إعانة إيران في مأزقها هناك من دون ثمن باهظ.

وبالنسبة إلى مستقبل الرئيس السوري بشار الأسد، تقول تلك الأوساط، إن تقاسم النفوذ على الأرض السورية وإفساح المجال أمام المكونات الأخرى للتعبير عن نفسها، قد يجعلان من مطلب بقاء الأسد من عدمه أمراً ثانوياً، طالما أن أياً من الأقليات أو الأكثريات المتصارعة لا يملك برنامجاً حقيقياً لحل قضية التعايش أو تداول السلطة وحصة كل منها في أي تركيبة مستقبلية جامعة في سورية.

ومع «استدعاء» الأسد إلى موسكو بات واضحاً أن ضمان مستقبل الأقليات السورية ليس في يد طهران، التي ستشرع آجلاً أم عاجلاً في بحث مستقبل تورطها في المنطقة، بعدما ظهر أن رهاناتها سواء على ملفها النووي أو على أهداف مشروعها السياسي، يقودها إلى كارثة بالمعنى الاستراتيجي.

وتختم تلك الأوساط بالقول، إن انكشاف الدور الإيراني في سورية وقصوره عن الارتكاز إلى مكونات محلية، حوّل طهران وأدواتها إلى مرتزقة، في حين تستند الأطراف الأخرى إلى قوى داخلية وازنة على رغم تفتتها السياسي. هكذا انعقد لقاء فيينا الرباعي فيما التحاق إيران مستقبلاً يضمن تحييدها من المشاغبة.