«إيلان» بين الكفر والإيمان!
لتذهب إلى الجحيم نظريات المؤامرة! فأي مؤامرة عندما يقف الآلاف من مشجعي مباراة كرة القدم الأوروبية على مدى أسبوع حداداً على الطفل «إيلان» ودموعهم تتلألأ في عيونهم في حين أن العرب هم من دمروا قرية «إيلان» وهم من شردوه وهم من أغرقوه، ومع ذلك كله فإنهم حتى لم يبكوه، فقد يكون ذلك من بدع الشرك والضلال؟!
![د. حسن عبدالله جوهر](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1499151557547559900/1499151557000/1280x960.jpg)
الكثير من الدول العربية ساهمت بشكل رسمي أو شعبي، ومن خلال المال والسلاح والإعلام، في مجازر السوريين فيما بينهم، إما باسم الدين أو العروبة أو حتى الإنسانية حتى دمرت سورية عن بكرة أبيها، وشرد شعبها المسكين في البراري، وكان أحسنهم حالاً من نصبت لهم الخيام على حدود لبنان والأردن وبتمويل من الأمم المتحدة، أما بقية الدول العربية التي أشرفت بشكل مباشر على الحرب الأهلية السورية، وتدفقت منها مئات الملايين من الأموال، فلم تستضف عائلة سورية واحدة، بل منعت حتى عوائل المقيمين على أراضيها من زيارة ذويهم ولو بشكل مؤقت، بل زادت بترحيل المئات منهم عن ديارهم!الشعوب العربية قادت نضالاً مريراً، وخاضت حروباً طويلة للتحرر من الاستعمار الأوروبي؛ لإجلائه عن أراضيها لتحقيق حلم الاستقلال والوحدة العربية بوعود من الدول العربية الثرية، وقدّمت الآلاف من الشهداء لتعيد بناء نفسها وفق شعارات جديدة في طليعتها العروبة والتقدمية، لكن أبناء قادة التحرير وأسر الشهداء باتوا على أبواب الدول الاستعمارية كملاذ للأمان، والهروب من نحرهم وسبي نسائهم واستعباد أطفالهم، إما من حكومات الجور أو عصابات الإرهاب المتأسلمين وبشعارات "الله أكبر"!فهل من صورة أبلغ على حالة الذل والمسكنة والمهانة هذه التي تعيشها العديد من الشعوب العربية في عصر الفضاء والتكنولوجيا والعولمة؟ ومن المسؤول عن تحول العرب إلى غيلان في حين سادت بلاد الكفر علامات الإيمان؟ ولماذا تحوّل العرب إلى وحوش في حين صار الغرب مصداقاً لتعاليم ديننا وقرآننا وتاريخ أسلافنا؟ لتذهب إلى الجحيم نظريات المؤامرة! فأي مؤامرة عندما يقف الآلاف من مشجعي مباراة كرة القدم الأوروبية على مدى أسبوع حداداً على الطفل "إيلان" ودموعهم تتلألأ في عيونهم في حين أن العرب هم من دمروا قرية "إيلان" وهم من شردوه وهم من أغرقوه، ومع ذلك كله فإنهم حتى لم يبكوه، فقد يكون ذلك من بدع الشرك والضلال؟!