انتقال مسار الحدث من مسجد الصادق إلى مسجد الدولة كان ضربة موجعة ليس لمخططي الجريمة فقط، بل حتى للشامتين والمحرضين ضد المواطنين المختلفين معهم في المذهب، وقد لاحظنا مقاطعة رموزهم للعزاء في مسجد الدولة الذي يفترض أنه «مسجدهم»!

Ad

أول العمود:

ميزانية الدولة لعام 2015- 2016 بلغت 19 مليار دينار، منها 5 مليارات لرواتب الموظفين، بمعنى ربع الميزانية.

***

يبدو لي آسفاً أن دم شهداء مسجد الإمام الصادق ومأساة ذويهم ستذهب إلى أرشيف أحداث مأساوية سابقة نستذكرها بمناسبة حلولها في رزنامة الوقت، أقول ذلك وأتمنى من القلب ألا يصح، فما حدث مأساة وجريمة بحق مصلين آمنين من بلدي، وسأبرر لماذا أتجه إلى هذا المنحى!

لا يوجد شعور عند العامة من الناس بالخوف من القانون، فما بالنا إن كان بين هؤلاء متطرفون، ومتنفذون، ومعتوهون، فكثيرا ما نردد أن المواطن الغربي مثال يحتذى به في الالتزام بالقانون لأنه تربى على احترامه في بيئة تشجع على ذلك، لكن الصحيح أيضا أنه يخاف من القانون وتبعاته.

هنا في الكويت لا خوف ولا تربية على احترام القوانين، وإلا كيف يمكن تفسير حوارات غارقة في السخف بعد مأساة مسجد الصادق تختلف على مسمى من قضوا وهم ساجدون لله أهم "قتلى! أم شهداء؟!". كيف نفسر كلام قطب "إسلامي" يغرد بقوله إن المؤسسة العسكرية ستشرع أبوابها لأبناء ذوي الشهداء! وشيخ جليل يصف من قضوا في المسجد بـ"الموتى"، فيما تحسبهم الدولة وتصنفهم شهداء، هكذا دون خجل ولا احترام لأهالي الشهداء ومن لا يزالون يتلقون علاجهم في المستشفى الأميري وهم بالعشرات؟

قانون الوحدة الوطنية الذي جاء بمرسوم عام 2012 مهمل رغم ما يحمل من ردع، ومناهج التعليم وما فيها من اعوجاج كأنها محرمات لا يجوز المساس بها، لا يوجد جهد يذكر يربي على التسامح وقبول عقيدة الآخر، تسامح الحكومة مع المتطرفين واضح من خلال التحريض العلني في وسائل الإعلام الإلكترونية، وهذا ما يجعلني غير متفائل من الاستفادة من درس الفجيعة.

انتقال مسار الحدث من مسجد الصادق إلى مسجد الدولة كان ضربة موجعة ليس لمخططي الجريمة فقط، بل حتى للشامتين والمحرضين ضد المواطنين المختلفين معهم في المذهب، وقد لاحظنا مقاطعة رموزهم للعزاء في مسجد الدولة الذي يفترض أنه "مسجدهم"!

عزائي هنا لذوي الشهداء، فرغم مصابهم وحاجتهم للمواساة سوف أحملهم عبئا يكملون ما قام به سمو الأمير من فعل إنساني منذ اللحظة الأولى حتى الآن، يجب عليكم أنتم أصحاب المصيبة أن تستثمروا الجريمة استثمارا إنسانيا تبدون من خلاله كيف يمكن للمكلوم أن يكون أقوى بتسامحه، أتمنى أن يستضيف هذا المسجد بالذات نشاطا ثقافيا دوريا يدعى له باحثون ومفكرون من داخل الكويت وخارجها للحديث عن التعايش والتسامح وقبول الآخر، ويجب أن نستثمر هذه الفاجعة ونقلبها إلى مصدر للسرور والتآخي، ولينطلق هذا المشروع من مسجد الصادق بعد أن أخذ جزءا من دوائه من المسجد الكبير.