شرعت العديد من دول المنطقة إصلاحات كبيرة تخص القطاع العقاري منذ سنوات عديدة، ويعتبر بند الرسوم والضرائب على العقارات من أهم بنود الإيرادات في الميزانية العامة.

Ad

تتجه الحكومة خلال الفترات المقبلة إلى رفع الدعم عن العديد من المواد والمنتجات الاستهلاكية، وفرض الضرائب على الشركات والأفراد، وإجراء بعض الإصلاحات المالية والتقليل من المصروفات، وذلك بهدف مواجهة عجز الميزانية العامة.

وجاءت تلك الخطوات بعد انخفاض سعر برميل النفط، الذي تعتمد الدولة على نسبة كبيرة من إيراداتها على هذا القطاع، إذ وصل البرميل إلى أرقام متدنية مما سبب عجزاً في تغطية بنود المصروفات في الميزانية العامة.

ولا يختلف الجميع على أهمية هذه الإصلاحات المالية التي تقوم بها الحكومة، التي جاءت بناء على الدراسات والتقارير تم إعدادها بواسطة جهات متخصصة، لكن يجب أن نقف عند نقطة معينة، أن الهدف المنشود ليست فقط تقليل المصاريف على ميزانية الدولة، إنما خلق إيرادات ومصادر دخل أخرى للدولة، وتقليل اعتمادها على الإيرادات النفطية التي تسبب عجزاً في الميزانية، نظراً إلى انخفاض الأسعار.

الدراسات التي تم اعدادها لم تتطرق إلى موضوع فرض الضرائب على الإيرادات العقارية وتداولاتها، مع العلم أن الضرائب على العقارات ورسوم التسجيل تعتبر إيراداً مهماً في الكثير من الدولة، ففي آخر إحصائية تبين أن إجمالي قيمة المبيعات العقارية التي تمت خلال 11 شهراً من السنة الماضية 2015 بلغت 2.8 مليار دينار، إضافة إلى مبلغ 180 مليوناً قيمة التداولات العقارية في الثلاثة أسابيع من شهر ديسمبر أي أن المجموع يقارب 3 مليارات دينار، دون أي استفادة فعلية للدولة منها، فلماذا لا تكون هناك ضريبة على مثل هذه الصفقات؟.

فرض الضريبة

فلو وضعنا افتراضاً أن هناك ضريبة أو رسوم تسجيل على بيع العقارات كالدول الخليجية والعالمية، نسبتها 5 في المئة لدخل في خزينة الدولة أكثر من 150 مليون دينار في نهاية التداولات العقارية في شهر ديسمبر من عام 2015، وأيضاً في عام 2014 بلغ إجمالي قيمة التداولات العقارية في نهاية العام 4.3 مليارات دينار، أي من المفترض أن يدخل في ميزانية الدولة لا يقل عن 215 مليون دينار.

ولو تم احتساب إجمالي قيمة التداولات العقارية منذ بداية عام 2010 وحتى نهاية عام 2015 لتبين أن الإجمالي تجاوز 19.300 مليار دينار، أي من المفترض أن يدخل خزينة الدولة لا يقل عن مليار دينار خلال الفترة المذكورة.

الكويت الأقل

وتعتبر الكويت أقل دول مجلس التعاون الخليجي في فرض ضريبة أو رسوم التسجيل العقاري، مقارنة بنظيراتها، إذ تبلغ في دبي 4 في المئة والمتهربين من الدفع يتم احتساب 8 في المئة، وفي سلطنة عمان 3 في المئة، والبحرين 2 في المئة وقطر 2.5 في المئة، وعلى نطاق الدول العربية الأردن تفرض 5 في المئة، ولبنان 6 في المئة، وأيضاً يعتبر الرسم منخفضاً جداً لو نظرنا على نطاق الدول العالمية.

من جانب آخر، الكويت تفتقد للعديد من القوانين والأنظمة المطبقة عالمياً، التي تعمل على المحافظة على القطاع العقاري من أي انهيارات أو مضاربات.

قوانين ضريبية

فعلى سبيل المثال، لا الحصر، فلو كانت هناك ضريبة مرتفعة على بيع العقارات السكنية، لما كانت هناك مضاربات على المنازل والأرضي السكنية، لأنه لن يستطيع تحقيق أرباح من وراء تلك المضاربة فيكون بهذه الطريقة قد تمت المحافظة على أسعار السكن الخاص من الارتفاع والمضاربات.

وأيضاً من ضمن القوانين الضريبية الواجب إقرارها قانون ضريبة ارتفاع قيمة العقار، حيث إن العديد من الدول الأوروبية تطبق تلك الضريبة، والهدف منها يكون الحد من المضاربات، فتلك الضريبة لا تطبق على العقارات السكنية.

ومن ضمن القوانين الضريبية التي يجب إقرارها هي الضريبة على الدخل للعقار السكني الخاص، حيث تحولت العقارات السكنية إلى عقار استثماري مدر، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار، إذ إن العقار الخاص تعرض إلى موجة دخول كبيرة من قبل المستثمرين الأفراد، وهذا ينافي الغاية من ذلك العقار، حيث يجب فرض رسوم على الإيرادات التي تحققها العقارات السكنية. فعند إقرار تلك القوانين أو جزء منها سيكون القطاع العقاري بعيداً عن المضاربين في ما سيكون هناك مدخول وإيراد سيغطي جزءاً كبيراً من مصروفات الدولة، وهذا هو حال الكثير من الدول المتطورة.

إصلاحات وقوانين

وشرعت العديد من دول المنطقة إلى إصلاحات كبيرة تخص القطاع العقاري منذ سنوات عديدة، حيث يعتبر بند الرسوم والضرائب على العقارات من أهم بنود الإيرادات في الميزانية العامة، وبحسب تقارير اقتصادية فإن إمارة دبي تعتمد على ما نسبته 74 في المئة من إيراداتها على الرسوم الحكومية والضرائب التي تحصلها من قطاعات مثل الخدمات «اللوجستية والعقارات والخدمات الاجتماعية».

كما أقرت المملكة العربية السعودية قانوناً بفرض الضرائب على الأراضي البيضاء غير المستغلة بنسبة 2.5 في المئة من قيمتها سنوياً ومن شأن ذلك القرار التشجيع على استثمار هذه الأراضي، فضلاً عن أنه نظم السوق العقاري، وأصبح هناك مورد جديد يدخل ميزانية الدولة سنوياً، كما عمل على تخفيض الأسعار بنسب كبيرة وأصبحت هناك عروض وفيرة يمكن استغلالها.

وعلاوة على ذلك قامت سلطنة عمان بضبط السوق العقاري وتنظيم تملك مواطني دول مجلس التعاون الخليجي للأراضي البيضاء في السلطنة، حيث أصدرت قراراً نصّ أنه في حال عدم استغلال الأرض خلال أربع سنوات من تاريخ شرائها، سيكون للدولة الحق التصرف في الأرض مع تعويض المالك، وكان لذلك القرار صدى إيجابي حيث سيساهم في تحديد طبيعة الاستثمار العقاري في السلطنة و تعزير التوجه للتطوير العقاري عوضاً عن المضاربة.

وفي المقابل، الكويت لا يوجد فيها قوانين تنظم تملك الأراضي البيضاء، وخاصة السكنية، حيث شهدت الأراضي السكنية موجة إقبال وتملك من قبل المستثمرين، دون تطويرها لفترات طويلة، مما ساهم في ارتفاع أسعار الأراضي السكنية.

صفقات متكررة

وفي هذا الجانب، أظهر مسح أجراه اتحاد العقاريين في وقت سابق، أن هناك 4196 صفقة بيع متكررة مثلت حوالي 21 في المئة من إجمالي عدد الصفقات العقارية المسجلة خلال 8 سنوات الماضية، ويعتقد «العقاريين» أن تلك الصفقات تندرج تحت قائمة التداولات المضاربية حيث تم بيع وشراء تلك العقارات دون أي تغيير في حالتها أو تطويرها.

وأوضحت الدراسة التي قام بها الاتحاد أن هناك 19.800 عقار متاح للبيع تبين أن 14.864 عقاراً منها تم تداوله مرة واحدة فقط خلال الـ8 سنوات الماضية، بالتالي لا يمكن تصنيف تلك الصفقات في قائمة التداولات المضاربية، وتلك البيوعات كانت بهدف الاستخدام الشخصي أو الاستثمار طويل الأجل.

وتدل الأرقام التي ذكرها «العقاريين» على عدم وجود قوانين تضمن حماية العقار السكني بالتحديد من المضاربين والمستثمرين، فالعقار الخاص تعرض خلال السنوات الماضية إلى موجة إقبال ودخول مستثمرين كبيرة جداً، خلال السنوات التي جاءت بعد الأزمة العالمية عام 2008.

ارتفاع الأسعار

وشهدت الأراضي والعقارات السكنية ارتفاعات كبيرة في نهايات عام 2009 واستمرت حتى عام 2014، بسبب انعدام الفرص الاستثمارية ودخول المستثمرين، وارتفاع الطلب وانخفاض العرض، بالإضافة إلى إقرار بعض القوانين التي حدت من عمل الشركات القطاع الخاص في المساهمة في بناء المساكن الخاص، والتي أثبتت فشلها بعد فترة قصيرة من إقرارها.

ويقول عقاريون، إن السبب الرئيسي لإقبال المستثمرين على الاستثمار في العقارات السكنية الخاصة، هو انعدام الفرص الاستثمارية الأخرى، بالإضافة إلى ارتفاع الإيجارات، مما انعكس إيجاباً على عوائد المساكن الخاصة، حيث إن هناك جزءاً كبيراً من المواطنين والمستثمرين حولوا المنازل الخاصة إلى عقار استثماري مصغر مخالف بذلك القوانين، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار العقارات السكنية ووصولها إلى أرقام خيالية