تطوي ساحة الصفاة عامها الخامس تقريباً ضمن مشروع تأهيلها، الذي يهدف إلى استعادة مكانتها حينما شكلت القلب النابض للعاصمة والكويت.

Ad

أكد رئيس المجلس البلدي مهلهل الخالد لـ«الجريدة» ان سبب تأخير افتتاح مشروع ساحة الصفاة يعود الى ان المجلس في دورته السابقة أعاد تصنيف عمل المحلات المستحدثة في الساحة.

وقال الخالد: «وضعنا مسمى (كافيه) لتلك المحلات، ولكن تمت اعادتها الينا بسبب انه لا يوجد نشاط بهذا الاسم، وأعدنا تسمية النشاط مرة أخرى باسم (مقهى) وألغينا منه بيع الشيشة».

وبين الخالد انه منذ تلك الفترة نقل الموضوع بأكمله الى وزارة المالية ووزارة الشؤون واللجنة المكلفة بمنطقة المباركية، فنحن لا يد لنا في أي تأخير لافتتاح ساحة الصفاة بكل طاقتها.

يذكر انه في يونيو 2011 قامت بلدية الكويت باغلاق ساحة الصفاة لتطويرها بعد تسلم موقعها من إدارة أملاك الدولة بوزارة المالية، حيث تم توقيع عقد التطوير بقيمة 3.017.250 دينارا لمدة سنتين، ولكن بعد مرور عامين اي في 2013 قررت البلدية تمديد العقد مدة عام كامل من أجل اجراء تعديلات على المشروع، ومن أجل تأخير اتى بسبب بعض الهيئات الحكومية المرتبطة بالمشروع.

ويستذكر أهل الكويت أهمية ساحة الصفاة حيث كان يقصدها أهل البادية في ذلك الوقت وهم يحملون بضاعتهم التي اشتملت على منتجات الأغنام والإبل من ألبان ودهون السمن ووبر وما تغزله زوجاتهم من أصواف وبيوت الشعر والبشت وذلك لمقايضتها بمنتجات أخرى يحتاجون إليها مثل الشاي والقمح والأرز والسكر.

وشكلت ساحة الصفاة في النصف الأول من القرن العشرين سوقا مهما للقوافل القادمة من البادية وكانت تتسع تلك القوافل بحجمها وكثرة جمالها.

وخلال النصف الأول من القرن الماضي كانت الساحة كبيرة جدا والمحلات المحيطة بها بعيدة عنها ويرجع السبب في ذلك إلى كثافة البضائع الواردة إليها وتدفق الناس من كل مكان، وبعد مرور الزمن بدأت المحال المتباعدة عنها تقترب شيئا فشيئا حتى ضاقت وصغرت.

وإلى جانب دورها التجاري تعتبر ساحة الصفاة من أشهر المواقع في الكويت القديمة، فهي ساحة الكويت العامة، وذلك لتعدد الأدوار بها، فقد كانت السوق الكبير ومحطة راحة للقوافل القادمة من الكويت والداخلة عن طريق بوابة الشامية.

وفي تلك الفترة كان أحد أفراد الأسرة الحاكمة يجلس فيها بعد صلاة العصر ليقضي بين المتخاصمين في شؤون التجارة والبحر اضافة إلى أنه كان يقام فيها القصاص والحدود الشرعية أمام الناس.

وكانت الساحة مقصدا ترويحيا لوجود العديد من المقاهي وفي أيام الأعياد تنتشر ألعاب الاطفال فيها وتقام فيها «الدوارف» و«القليلبة» ويركب الأطفال الحمير المزركشة والمحناة.

كما كانت تقام في الساحة العرضات والرقصات الشعبية وترفع فيها أعلام الكويت المختلفة ويحضرها كبار رجالات البلاد وشخصياتها مثل أمير البلاد وولي عهده والوزراء وأبناء الأسرة الحاكمة وضيوفهم باعتبارها ملتقى للاحتفالات الموسمية.

واشتملت تلك العرضات على أشعار الجهاد والبسالة والرجولة لتذكير الناس بالشيم الطيبة والعادات الجميلة وكانت تلبس فيها ألبسة الحرب من خناجر ومسدسات وبنادق وسيوف وأحزمة الذخيرة والبارود.

وضمت الساحة في الفترة بين أربعينيات وستينيات القرن الماضي مواقف سيارات الأجرة التي كان بعضها يستخدم في نقل الركاب وفيها فتحتان لدخول وخروج السيارات.

ومن ساحة الصفاة كانت بداية أول شارع في الكويت والذي ينتهي عند قصر دسمان وكان ذلك في عام 1945 وأطلق عليه شارع دسمان الذي أعيد ترميمه وهو اليوم معروف بشارع أحمد الجابر.

وانتشرت في الساحة بيوت للمواطنين والمقاهي الشعبية والأسواق والعديد من المحلات المبنية من الصفيح التي تجاوز عددها الـ50 حيث تباع فيها الدهون والألبان الطازجة والمواد الغذائية المختلفة.

يشار إلى أن مقر وزارة الدفاع قديما كان يطل على ساحة الصفاة والتي أصبحت بعد ذلك وزارة للدفاع والداخلية وكانت تسمى قبل ذلك بدائرة الشرطة وضمت الساحة أيضا مبنى البريد ومبنى دائرة المالية ودائرة الأمن العام ومبنى البلدية ومبنى محاكم الكويت.

متنفس للأهالي ومكان للاحتفالات

تعد ساحة الصفاة المتنفس الحقيقي لأهل الكويت في احتفالاتهم ومناسباتهم الوطنية ولها مكانة كبيرة لدى الكويتيين حيث شهدت الساحة في 25 فبراير 1950 احتفالا كبيرا وجمعا غفيرا من كبار رجالات الدولة والشخصيات والضيوف المعتمدين البريطانيين والمواطنين بمناسبة تولي الشيخ عبدالله السالم مقاليد الحكم في البلاد.

وشارك في ذلك الاحتفال الكبير بعض قطع الجيش والشرطة والمدرعات الصغيرة التي ساهمت فيها بريطانيا من أجل تلك المناسبة التي حضرتها حشود غفيرة من المواطنين وأقيمت الزينات فكان أول وأكبر احتفال يقام في هذه الساحة.

واعتاد المواطنون اللقاء في ساحة الصفاة ليقضوا أوقاتهم في التجول والشراء ومزاولة الأعمال والمهن والحرف المتنوعة مثل الحلاقة والحجامة والنجارة وأعمال السدو المختلفة من سجاد وجرابات ووسائد وخصف الحصير والزبيل والسلاسل والسفرة التي تؤخذ من سعف النخيل الطري أو الناشف.