وهو كثير... وكثير جداً... أذكر في هذا الصدد - على سبيل المثال - أن تقدمت لي يوماً شابة جامعية بقصة والدتها التي كانت تبيع جسدها في حي الرميلة، ذلك الحي الذي كان مخصصاً للبغاء العلني، وأُقفل في أواسط الستينيات تحت ضغوط اجتماعية.
ولما قرأت القصة وجدتها تروي حياة إنسانة قست عليها الحياة بعد صراع مرير في معاناتها بزواج مأساوي، أظهرت فيها جبروت وهيمنة وتوحش ذلك الرجل الجاهل الذي كان يقسو على زوجته وأطفاله بضرب مبرح وكلمات جارحة! فما كان من نتيجة ذلك إلا الطلاق والتشرد! ولم تجد الأم من سبيل لرعاية أطفالها غير الانخراط في الدعارة بنصيحة وتشجيع ممن سبقتها من الجارات!وكانت تلك الشابة أقنعت والدتها بأن تروي لها تفاصيل حياتها لتكتبها كبحث اجتماعي للجامعة، تروي فيه تفاصيل تلك المرحلة من حياتها!وبدأت من فوري كتابة القصة على شكل مسلسل إذاعي، ووضعت في الاعتبار أن يكون مسلسلاً تلفزيونياً في ما بعد!وبالطبع فقد راعيت الظروف الموضوعية، بحيث لا أُحدث صدمة مباشرة من خلال تسلسل الأحداث، وتقدمت للمسؤولين لإجازة النص!ولم أكن أتوقع تلك الثورة العارمة التي جوبهت بها جراء هذا العمل الذي اعتبره البعض مخجلاً لسمعة المجتمع، بل إن المسؤولين في الإذاعة لم يكتفوا بالاحتجاج فقط بل صعدوا الموضوع إلى أعلى المستويات، بحيث وجدت نفسي متهماً بإشاعة الرذيلة، وتلفيق الأكاذيب على البنية الاجتماعية المتماسكة! وان هذا العمل يخالف العادات والتقاليد!ولما استعنت بصاحبة القصة لتبرئة ساحتي، عنفها أحد المسؤولين: عيب عليكِ تتاجرين بسمعة والدتك؟!ثم قيل لي إن معظم العاهرات في الرميلة لسن كويتيات! إنهن من بلدان أخرى! ومات المشروع في مهده.* * *إن النجاح الذي أحرزته رواية "ساق البامبو" لسعود السنعوسي، ارتكز في أحد جوانبه على الجانب الجنسي في العلاقة غير المشروعة مع الخادمة الفلبينية!ولو أن هناك بحوثاً ميدانية تُشخص أثر دخول الخادمات في العقود الأربعة الماضية على المجتمع الكويتي، لفاحت روائح لا تزكم الأنوف فحسب، وإنما تصيب من يشمها بالجنون والخبل!فالخادمة جاهزة للاغتصاب، فهي منفذ جنسي للبالغين والمراهقين في المنزل!والكبار لا يكتفون بغض البصر، بل إن بعضهم - لا شعورياً - يشجع أبناءه على مباشرة طقوس عبورهم إلى عهد الرجولة، وتدشين ممارساتهم الطبيعية لجنس ذكورتهم وطاقاتهم الجنسية مع خادمة المنزل السهلة المنال! بدلاً من العلاقات الخارجية التي قد تُسبب فضائح!قد يكون هذا أحد الأسباب التي اعتمدتها الحكومات المصدرة للخدم بمنع إرسال خادمات للمنطقة!بالطبع هناك الكثير مما يمكن أن يقال عما هو مسكوت عنه... لكنني أجزم بأن هذا المقال الصغير سيسبب حساسية مفرطة للكثيرين من ذوي العقول النعامية.والكارثة أن كُتاب زوايا الموضوع الواحد، والمتكرر منذ سنوات - إلا ما ندر - لا يملكون شجاعة كشف الأقنعة التي لم تعد تستر تحتها الوجوه من شدة بروز شفافيتها الفاقعة بالفضائح والتجاوزات التي وضعت كلها في سلة مجلس الأمة الذي أُثقل كاهله بقضايا جعلته مصدر اهتمام كل صغيرة وكبيرة في البلاد، بينما المجتمع المدني عليه دور كبير لا يضطلع به.
أخر كلام
المسكوت عنه في الكويت!
08-08-2015