«بطتهم تستاهل»

نشر في 14-08-2015
آخر تحديث 14-08-2015 | 00:04
غياب الإعلام البيئي عن دوره التثقيفي، رغم وجود العديد من المختصين والمبادرين، يعد من الأسباب التي أدت إلى عدم اكتراث المواطن بأهمية التعاطي مع القضايا البيئية كبعد حضاري؛ لذا فليس من المستغرب أن ترى السائح الخليجي غير مرغوب فيه، فهو لم يُقدر البيئة التي يعيش فيها، فكيف له أن يحترم قوانين الدول الأخرى؟!
 أ. د. فيصل الشريفي رصدت مواقع التواصل الاجتماعي قيام بعض الشباب بسرقة بطة في إحدى الدول الأوروبية؛ مما يعد تجاوزاً على القوانين البيئية، لكن الغريب في الموضوع إلى جانب أنه تصرف غير أخلاقي ردود الأفعال المحلية على المستوى الرسمي والشعبي التي صورت الحدث على أنه جريمة تستحق أقصى العقوبات، وكأن تلك الممارسة الصبيانية لا يحدث منها العشرات في دولة الكويت.

استغرابي للحادثة ليس من باب مباركة هذا الفعل، لكن من باب التعامل بالمثل، فإن كانت بطة أوروبا تستحق أن يسحب جواز قاتلها، ومن شارك معه في هذا الفعل، فما بال مجتمعاتنا تسكت عمن يقوم بأفعال يصل بعضها إلى التهديد بانقراض أنواع بعينها؟ والأمثلة كثيرة، وبعضها عبثي كصيد الطيور في مواسم هجرتها وتوالدها، إلا إذا كان من يتعامل معها على أنها ليست من السكان الأصليين فيحل عليها ما لا يحل على غيرها.

عشرات الفيديوهات الفردية التي تتناقلها مواقع التواصل الاجتماعي نشاهدها يومياً، ومنها حادثة ذبح السلحفاة وملاحقة الشباب بالأسلحة النارية لطيور لم تكن يوماً ضمن ما يحل أكله كطائر العقاب.  

لقد انتشرت أيضاً مطاعم تقدم الضب على موائدها وبأسعار عالية الثمن، ولم نر أي تحرك جاد من الجهات المسؤولة رغم أن هذا الحيوان مهدد بالانقراض، لكنه ضبنا صاحب الحظ العاثر الذي لا يحلم أن يصل إلى مقام بطتهم صاحبة الصون والعفاف.  

أذكر قصة مشابهة لطيور الحباري رصدت قبل عدة سنوات شمال دولة الكويت، وكما هو معروف أيضا أن تلك الطيور مهددة بالانقراض، لكن من يكترث ما دام الصياد من علية القوم، والذي تكدر خاطره فقط بسبب إفلات حبارة يتيمة من ضمن مجموعة ضمت خمسة عشر طائراً استطاع صيادنا الماهر صيدها.   

الشواهد كثيرة والتعدي على الحياة الفطرية لم تستطع المحميات البرية والبحرية منعه لكثرة الاختراقات ولغياب الوعي البيئي بين المجتمع، والتي نأمل من قانون البيئة الجديد أن يتعامل معها على أنها ثروة طبيعية تستحق رعايتها والإبقاء عليها للأجيال القادمة. هناك أفرقة تطوعية كويتية تعمل بالمجال البيئي تستحق الرعاية والدعم من وزارة الشباب وهيئة البيئة مثل فريق رصد الطيور وحمايتها وفريق الغوص الكويتي اللذين استطاعا عمل الكثير لحماية البيئة البحرية وإنقاذها من القوارب والسفن الغارقة، ورصد الطيور المهاجرة وحمايتها أثناء موسم التفريخ، وبجهود ذاتية.

الأعمال والممارسات الضارة بالبيئة لا يمكن حصرها بالممارسات الفردية إن لم تكن القوانين تجبر الجهات المسؤولة على وقف التلوث، فالتعدي يتجاوز صيد بطة مقارنة مع القياسات والمؤشرات العالمية التي وضعت الكويت ضمن أكثر الدول تلوثاً للهواء بسبب انبعاث الغازات الضارة من المصانع والمصافي ومحطات توليد الكهرباء، ناهيك عن حالة الجون المثقلة بالضغوط البيئية.

ومن الأمور التي تستحق أن تتحرك لها دول المنطقة ظاهرة التصحر التي أدت إلى تضاعف كميات الغبار وانتشار ظاهرة العواصف الترابية بسبب الرعي الجائر ومواسم التخييم الطويلة؛ مما يتطلب تضافر الجهود على المستوى الإقليمي بوضع برامج علاجية تلتزم بها دول المنطقة.  

غياب الإعلام البيئي عن دوره التثقيفي، رغم وجود العديد من المختصين والمبادرين، يعد من الأسباب التي أدت إلى عدم اكتراث المواطن بأهمية التعاطي مع القضايا البيئية كبعد حضاري؛ لذا فليس من المستغرب أن ترى السائح الخليجي غير مرغوب فيه، فهو لم يُقدر البيئة التي يعيش فيها، فكيف له أن يحترم قوانين الدول الأخرى؟!

ودمتم سالمين.

back to top