عندما لا تتفاوض المعارضة السورية "حركة أحرار الشام الإسلامية" مع نظام بشار الأسد بشأن وقف لإطلاق النار في الزبداني، ولكن مع مندوبين إيرانيين، حيث جرت هذه المفاوضات في تركيا، وعندما يكون من المفترض أن يصل وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف اليوم لإجراء محادثات مع نظيره الروسي سيرغي لافروف بشأن الحلول المطروحة والمقترحة للأزمة السورية، فإن هذا يعني أن القرار بالنسبة لهذا الأمر هو قرار طهران، وقرار الولي الفقيه، وأن هذا النظام ورئيسه لم يعد لهما أي رأي بالنسبة إلى ما يجري في هذا البلد العربي الذي من المفترض أنه دولة مستقلة قرارها في يد من يحكمها، في السراء والضراء.

Ad

كان المفترض ألا تتفاوض "حركة أحرار الشام الإسلامية" مع دولة أجنبية هي إيران على شأن من المفترض أنه داخلي سوري، فالمفاوضات التي جرت مع مندوبين إيرانيين في تركيا تعني التسليم بالتدخل الإيراني السافر في الشؤون الداخلية السورية، وتعني الاعتراف بالدور الذي بقي الإيرانيون يلعبونه في دولة عربية، من المفترض أنها مستقلة، عسكرياً وسياسياً منذ أن أقحم نظام بشار الأسد سورية في هذه الحرب المدمرة في عام 2011 وحتى الآن.

ولم يعد خافياً على أحد أن الأسد أصبح مجرد واجهة سياسية فقط، وأن القرار في سورية، ليس في الفترة الأخيرة فحسب، بل منذ البدايات أيضاً، أي منذ عام 2011، هو قرار إيراني إن على الصعيد السياسي أو العسكري، وأن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يشارك في هذا القرار أكثر من مشاركة المفترض أنه رئيس دولة "القطر العربي السوري"، وبالطبع أكثر كثيراً من مشاركة وليد المعلم وبثينة شعبان!

ربما يتم احتلال أي دولة في العالم، وهذا حدث مع فرنسا في الحرب العالمية الثانية، احتلالاً كاملاً، لكن عندما يبقى قرارها في يد أحد أبنائها فإنها تبقى غير مثلومة السيادة.

وحقيقة أن سورية، التي من المفترض أنها دولة مستقلة وذات سيادة، في ضوء هذه السيطرة الإيرانية عليها وعلى قراراتها تعتبر دولة محتلة الإرادة ومصادرة القرار، ويعتبر رئيسها هذا الذي يقبل بأن يفعل الإيرانيون ما يفعلونه في بلده فاقداً للشرعية التي يدعيها، وتعتبر حكومتها مجرد "شاهد ما شافش حاجة".

إن الجمهورية العربية السورية دولة محتلة الآن، وإن إيران تهيمن على قرارها السياسي والعسكري وعلى كل شيء فيها.

وهكذا فإن المفترض أن تتحرك الجامعة العربية لتعلن الآن، الآن وليس غداً، أن سورية دولة محتلة، وأن الذي يعتبر رئيساً لها لا قرار له، وأن القرار السياسي والعسكري بيد الولي الفقيه في طهران، مما يستدعي المسارعة إلى لم شمل المعارضة السورية، وإعادة تشكيل الحكومة المؤقتة لتمثل، إن ليس كل تشكيلات المعارضين، فمعظمها، لتكون ممثلاً شرعيّاً وحيداً للشعب السوري، ولتكون الناطق باسم هذا الشعب في هذه المفاوضات الجارية الآن في السر والعلن، بينما من يعتبر نفسه رئيساً لهذا البلد العربي يراقب عن بُعد، بلا حولٍ ولا قوة!

 إن المشكلة الآن ليست الإرهاب بكل مسمياته، مع التأكيد على ضرورة مواجهته والقضاء عليه في أقرب فرصة ممكنة، ولكنها هذا الاحتلال الإيراني لسورية الذي بات واضحاً وعلى رؤوس الأشهاد، و"على عينك يا تاجر"... وهي تدخل دولة الولي الفقيه السافر في الشؤون العربية، وهي وجود رئيس لهذه الدولة العربية بلا قرار وبلا رئاسة فعلية، وهي تلاشي الجيش العربي السوري وتلاشي الحكومة السورية.

وهي، أي المشكلة، أن هناك من لايزال يغمض عينيه عن واقع الحال، ويرفض الاعتراف بأن "القطر العربي السوري" بات دولة محتلة.