خرج الأميركيون إلى الشوارع في المدن بمختلف أنحاء الولايات المتحدة في ساعة متأخرة من مساء أمس الأول احتجاجاً على مقتل رجلين أسودين في ولاية لويزيانا ومينيسوتا برصاص الشرطة بطريقة غير مبررة، وأيضاً لإدانة الهجوم المروع الذي شنه شاب أميركي أسود معجب بحركات مسلحة للسود مودياً بحياة 5 من أعضاء الشرطة.

وتظاهر آلاف الأشخاص سلميا في عدد من المدن الاميركية بينها أتلانتا في ولاية جورجيا وهيوستن في ولاية تكساس وسان فرانسيسكو في ولاية كاليفورنيا، وفي مدينة نيويورك وكذلك أمام البيت الابيض في واشنطن.

Ad

ونفت حركة "حياة السود مهمة" (بلاك لايفز ماترز) التي تصدرت الاحتجاجات، أن تكون أججت الاضطرابات، معلنة أنها "تكافح من أجل الكرامة والعدالة والحرية وليس من أجل القتل".

وقد تم التعرف على منفذ الهجوم المروع، ويدعى ميكا كزافييه جونسون ويبلغ من العمر 25 عاماً، وهو جندي سابق في الاحتياط، وقد خدم في أفغانستان بين العامين 2013 و2014.

وعثر على صفحة باسمه على موقع "فيسبوك"، تم إغلاقها فيما بعد، أظهرت دعمه لمنظمات وحركات مسلحة للدفاع عن السود مثل حزب "الفهود السود" الجديد والرابطة الوطنية لحماية السود،

كما عثر على تدوينات تدعو إلى الكراهية. ويظهر جونسون في صور منشورة على الصفحة رافعاً قبضته في الهواء، في إشارة ترمز إلى الصراع من أجل تحرر السود في أميركا. وأعلن جونسون خلال المفاوضات التي جرت معه قبل قتله برجل آلي حمل قنبلة، أنه يريد قتل أميركيين من البيض، وخصوصا رجال شرطة من البيض.

وأكد وزير الأمن الداخلي جيه جونسون أن الرجل تحرك بمفرده، مستبعدا، كما البيت الأبيض، أي ارتباط مع منظمة إرهابية دولية.

أوباما

وقرر الرئيس الأميركي باراك أوباما اختصار زيارة الى اوروبا للتوجه الى دالاس. وأعلن البيت الأبيض، مساء أمس الأول، أن أوباما سيعود الى واشنطن مساء الأحد (اليوم)، أي "قبل يوم مما كان مقررا"، وسيتوجه الى دالاس "في مطلع الاسبوع" المقبل (الاثنين) بدعوة من رئيس بلدية المدينة مايك رولينغز.

وألمح أوباما الى مبادرة للحد من البيع الحر للأسلحة الحربية، وقال: "حين تكون أسلحة قوية بحوزة الناس، فهذا يجعل للأسف هذا النوع من الاعتداءات أكثر دموية ومأساوية. وسيتحتم علينا خلال الايام المقبلة اخذ هذا الواقع بالاعتبار".

كما يعتزم الرئيس بحث "اجراءات سياسية تعالج الفوارق العنصرية التي لا تزال كامنة في نظامنا الجنائي". وألغى المرشحان الى الانتخابات الرئاسية الأميركية الديمقراطية هيلاري كلينتون والجمهوري دونالد ترامب تجمعاتهما الانتخابية التي كانت مقررة أمس.

بايدن

من ناحيته، ذكر نائب الرئيس الأميركي جو بايدن، أمس، أن اغتيال خمسة من رجال شرطة دالاس جرح مشاعر الأمة بأكملها، ودعا إلى الوحدة وسط التوترات العنصرية.

وقال بايدن في كلمته الإذاعية الأسبوعية في البيت الأبيض: "نحن كأميركيين جرحت مشاعرنا جراء كل هذه الوفيات"، مشيرا إلى أن رجال الشرطة قتلوا خلال حماية مظاهرة سلمية احتجاجا على قيام الشرطة بقتل رجلين أسودين في مكان آخر بالبلاد.

وأضاف: "يجب علينا المجاهرة بأوجه التباين في نظامنا القضائي الجنائي، كما يجب علينا أن ندافع عن رجال الشرطة الذين يحموننا في مناطقنا كل يوم"، داعياً الشعب الأميركي إلى عدم السماح للعنف بتمزيق نسيجه الاجتماعي.

لا للتمييز

من ناحيته، دعا رئيس بلدية دالاس مايك رولينغز خلال تجمع ضم آلاف الاشخاص الى تضميد جراح العنصرية. وقال: "هل يمكن لمجتمعنا ان يفهم بصدق وعمق المعاناة التي تسبب بها التمييز العنصري والاستعباد، خطيئة أميركا الكبرى، عبر التاريخ؟".

«الرئاسية»

وشكل إطلاق النار حدثا جللا جديدا في الموسم السياسي لعام 2016 الذي شهد تخبطا من المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون والجمهوري دونالد ترامب لتحديد رد الفعل المناسب على هجمات إرهابية في الخارج وإطلاق نار جماعي في الداخل، وعلى احتجاجات على قتل أفراد من الشرطة لأميركيين من أصل أفريقي.

وتظهر استطلاعات الرأي أن أحداث العنف التي صورتها الهواتف الذكية وبثتها المحطات الإخبارية التلفزيونية مرارا أذكت مخاوف الأميركيين بشأن سلامتهم. وأعاد ذلك إلى الأذهان ذكريات عام 1968 عندما اغتيل زعيم الحقوق المدنية مارتن لوثر كينج والمرشح الرئاسي الديمقراطي روبرت كيندي في فترة مضطربة شهدت احتجاجات على حرب فيتنام والتفرقة العنصرية.

ورد فعل ترامب المبدئي على أحداث دالاس يشير إلى أنه يدرك المخاطر. فقد أصدر بيانا رصينا يتحدث عن ضرورة الوحدة بين الأميركيين على خلاف الكثير من تصريحاته العلنية التي عادة ما يرى فيها منتقدوه مبالغة أو تحريضاً.

ومع تصدر العلاقات العرقية لقائمة القضايا محل الاهتمام على الساحة الأميركية، قال نيوت غينغريتش رئيس مجلس النواب السابق والمرشح البارز لمنصب نائب الرئيس على قائمة ترامب إن ترامب ونائبه يمكنهما اكتساب مزيد من الشعبية من خلال زيارة المدن التي يعيش فيها الكثير من الأميركيين من أصل أفريقي.

أما كلينتون فقد دعت بعد نوبات العنف المسلح إلى فرض المزيد من القواعد على قطاع السلاح وأيدت حركة "حياة السود مهمة" التي أطلقت حملات ضد العنف الذي يتعرض له الأميركيون السود.

وفي سلسلة من المقابلات التلفزيونية قالت كلينتون إنها عملت طوال حياتها على محاولة تخطي الانقسام العرقي.

وقالت كلينتون: "سأدعو البيض مثلي لوضع أنفسهم مكان الأسر الأميركية من أصل أفريقي التي تخاف في كل مرة يخرج فيها أبناؤها. سأتحدث عن البيض". وقال باد جاكسون الخبير الاستراتيجي الديمقراطي إن كلينتون تلعب على الوتر الصحيح.

تحقيق بعد العثور على أسود مشنوقاً على شجرة

أعلنت الشرطة الأميركية فتحها تحقيقاً في ملابسات العثور على شاب أميركي أسود، مشنوقاً على شجرة، في حديقة بيدمونت في مدينة أتالانتا، لتعرف إذا كان حادث انتحار أو قتلاً متعمداً، مرجحة أن يكون سبب الحادث الانتحار.

وكانت جماعة "كو كلوكس كلان" العنصرية، التي تؤمن بتفوق البيض، والتي بلغت ذروة شعبيتها في العشرينيات من القرن المنصرم، حيث ضمت حوالي 15 في المئة من التعداد الرسمي للسكان في الولايات المتحدة، تطبق ما يعرف بـ"العقاب اللينشي" بحق السود، الذي يتضمن الإعدام بالشنق ودون محاكمة، وتم توثيق مئات عمليات الشنق على الأشجار للسود، والتي استمرت حتى أواخر الستينيات.

اعتداءات على الشرطة في 3 ولايات

إضافة إلى "اعتداء دالاس"، أعلنت السلطات الأميركية، تعرض الشرطة لإطلاق نار في ثلاث ولايات منذ ليل الخميس ـ الجمعة، ربما بنفس الذريعة، التي دفعت شاباً أميركياً أسود لقتل 5 من رجال الشرطة، في هجوم مروع في دالاس خلال تظاهرة احتجاجية على مقتل رجلين أسودين بطريقة غير مبررة من قبل الشرطة.

وقال مسؤولون، إن رجلاً في ولاية تينيسي فتح النار على فندق وطريق سريع، ما أسفر عن مقتل امرأة وإصابة ضابط شرطة وعدة أشخاص آخرين ليل الخميس ـ الجمعة، ربما بسبب توتر بين الشرطة والسود. وتعرضت الشرطة أيضاً إلى كمين، وأصيب بعض رجالها في ميزوري أمس الأول. وفي مدينة فالدوستا بولاية جورجيا، أصيب شرطي أميركي إثر تعرضه لإطلاق نار بعد استجابته لمكالمة طوارئ للإبلاغ عن اقتحام لسيارة، أجراها على ما يبدو مطلق النار.

ما نعلمه عن منفذ هجوم دلاس

• اسمه مايكا اكزافير جونسون.

• يبلغ من العمر 25 عاماً.

• جندي احتياطي سابق في الجيش.

• خدم في أفغانستان (2013 ـ 2014).

• يعيش مع والدته في ضاحية مسكيت بدالاس.

• كان يمارس كرة السلة بانتظام.

• منعزل لكن لم يبدو عليه الاكتئاب.

• اتهم بالتحرش الجنسي بامرأة.

• أعجب بجماعات سوداء مسلحة بينها حزب "الفهود السود" الجديد.

• عثر بين مقتنياته على كتيب شخصي عن تكتيكات القتال.

• وضع خطة هجومه معتمداً على مبدأ "أطلق النار ثم تحرك".

• عثر في منزله على مواد لصنع القنابل وسترات مضادة للرصاص وذخيرة.