أول العمود :

Ad

ظهور المدانين بالأحداث الإرهابية للحديث العلني في وسائل الإعلام ضروري لمعرفة كيف يفكر هؤلاء.

***

يفيد تقرير اتحاد الإذاعات العربية حول البث الفضائي العربي لعام ٢٠١٤ بوجود ٧٥٨ هيئة بث فضائي (٧٢٩ هيئة خاصة و٢٩ هيئة عامة) تتولى بث ١٢٩٤ قناة (منها ١٦٥ قناة عامة و١١٢٩ قناة خاصة). وتبين إحصاءات الاتحاد مدى الدور الذي يؤديه الفضاء الديني بين هذه الأرقام، إذ توجد ٩٥ قناة دينية في المحيط الإعلامي العربي تستولي القنوات الخاصة على بث ٨٦ منها، والباقي للحكومات، وتأتي هذه القنوات في الترتيب الخامس بعد القنوات الشاملة ٣٢٣، ثم الرياضية ١٧٠، والدراما ١٥٢، والغنائية ١٢٤.

لكن ما دخل هذه القنوات الدينية في ما تتهم به من أحداث قتل وتفجير وتكفير استنادا إلى الفتوى والتحريض المباشر وغير المباشر على عدم التسامح؟ الإجابة هنا بحاجة إلى مسح علمي لتحديد النسب المئوية عبر معرفة توجهات المتأثرين بالخطاب الديني الفضائي، كما أن المسألة بحاجة إلى كشف كم القنوات غير الدينية التي تقدم إعلاماً زائفاً بحجة تسلية الجمهور كالغنائية والدرامية الهابطة، في مقابل ذلك فإن القنوات الثقافية لا يتجاوز عددها ٩، والأسرية ١٦ فقط!

هناك سمات مشتركة للقنوات الدينية (السنية أو الشيعية) فهي تخاطب المؤمن لا المواطن بسبب الخلل في فهم مسألة المواطنة، وأكثرها ترى أنها تقدم الدين الصحيح، لكنها في الواقع تروج للمذهب أو لمشروعية الأنظمة السياسية (الخلافة- ولاية الفقية مثلا)، هذا عدا عن انحرافها عن تقديم قيم التسامح والوسطية التي هي فطرة إنسانية عززتها الديانات.

بالطبع هناك انحرافات عميقة في مواضع أخرى تؤدي إلى استسهال القتل والتكفير، ومنها انحراف التعليم وترك الجماعات الموجهة من الحكومات لأخذ زمام الأمور في رسم المناهج التكفيرية وتلقينها للصغار.

على المستوى الشخصي أتممت دراستي في التعليم العام قبل المد الديني والاحتراب الطائفي في الثمانينيات، إذ كانت المناهج في العموم تركز على المواطنة بالأساس، ولم تكن مناهج الدين تتحدث عن مسائل خلافية وتكفيرية، ولذلك فإن ذاكرتي عن التعليم والتربية جميلة، وأخذت من التحصين ما يكفي لأتقبل الآخر، لكن ماذا لو كنت قد ولدت في التسعينيات؟ أعتقد أن تكويني الذهني سيختلف تماما، وسيكون كما هو سائد بين الفتيان اليوم.

قرأت عن نية وزارة التربية تعديل المناهج باتجاه فرض جرعات التسامح وتقبل الآخر، لكنني غير واثق من سير المشروع كما ينبغي لأنها فكرة وزير سيرحل قريباً لا قناعة دولة.