موهوبة بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف. تمنح كل دور جزءاً من قلبها وعقلها ومشاعرها فتتوهج بأدائها على الشاشة. البساطة كلمة السر في تعبيرها، والعفوية تعطيها صورة مختلفة عن بقية بنات جيلها. تشعر أن ثمة شيئاً ما يربطك بها وكأنها جارتك أو أختك أو إحدى صديقاتك المقربات. ابتسامتها مفتاح دخولها إلى القلوب، وإصرارها على النجاح كان مفتاح حصولها على لقب أفضل ممثلة من مهرجان دبي السينمائي في دورته الثانية عشرة عن فيلمها المبهر «نوارة» للمخرجة هالة خليل.

Ad

إنها منة شلبي التي كانت نجمة مهرجان دبي هذا العام بالحفاوة التي وجدتها والتشجيع الذي لمسته والتقدير الذي فازت به.

وعن جديدها وكواليس حصولها على الجائزة كان لنا معها الحوار التالي:

أخبرينا عن «نوارة».

«نوارة» إحدى أصعب الشخصيات التي جسدتها عبر مشواري الفني، رغم أنها تشبه نساء كثيرات في الشارع المصري بكل ما تحمله من فقر واحتياج وحرمان وشوق إلى حياة كريمة تحترم إنسانيتها. وعندما قامت ثورة يناير تصوّرت مثلما فعل كثيرون أن الخير سينهمر وأن النقود المنهوبة ستعود إلى جيوب الفقراء وأن الثراء الذي تتمناه بينها وبينه خطوات قصيرة. ولكنها صدمت بالواقع واكتشفت الوهم الذي عاشته وجعلها في النهاية تُساق إلى السجن بتهمة السرقة من دون أن يعلم سجّانها أنها هي الضحية وأن أحلامها سرقت منها.

بم شعرت بعد تجاوب الجمهور في قاعة العرض بمهرجان دبي؟

كنت فخورة ومبهورة وخائفة وسعيدة في الوقت نفسه. كانت الانفعالات المتناقضة كلها داخلي وشعرت بمتعة تقديم نوعية جميلة من الأعمال السينمائية تلامس الواقع وتقول كلمة مهمة وتعبر عن رأي حر، وبعد عرض الفيلم، وجدت الفنانيين يشدون على يدي، ومن بينهم ليلى علوي وإلهام شاهين وصديقتي الجميلة هند صبري، فلم أتمالك نفسي وانهمرت دموعي بشدة.

وتذكرت أمي قبل السفر عندما قالت لي: «حترجعي بجايزة يا منة وبكرا أفكرك».

كيف جهزت نفسك للشخصية بتفاصيلها الدقيقة التي رأيناها على الشاشة؟

استغرق التصوير نحو 12 شهراً، وهي أطول مدة يحتاج إليها فيلم. بدأناه منذ نهاية العام الماضي، وكانت الشخصية تتطلب قدرة غير عادية على التركيز لتخرج بصورة طبيعية. ولا أنسى المجهود الكبير الذي بذلته معي هالة خليل وخبيرة المظهر لتبدو صورة نوارة طبيعية من دون افتعال أو كذب، ما جعل الكثيرين في الندوة التي أعقبت عرض الفيلم يقولون إنه فيلم «حقيقي».

تعودين بالفيلم إلى السينما بعد غياب طويل؟

صحيح. كان آخر أفلامي منذ نحو ثلاث سنوات وهو فيلم «الموقعة» مع المخرج يسري نصر الله، وتناول أيضاً قضية تمس الواقع ولها علاقة بحوادث ثورة يناير.

لماذا تبرعين في أدوار المقهورة والمظلومة؟

لأن المرأة المصرية مقهورة فعلا في مجتمعنا العربي، بسبب الضغوط المادية التي تنال من كرامتها وإنسانيتها أو الضغوط الاجتماعية التي تعيشها مع زوجها وأولادها.

واضح أن موهبتك صُقلت جيداً لأنك كنت محظوظة بالعمل مع العمالقة سواء في مجال التمثيل أو الإخراج؟

صحيح. أنا فعلاً محظوظة بالعمل مع محمود عبد العزيز في «الساحر»، ومع يحيى الفخراني في «سكة الهلالي»، ومع يوسف شاهين في «هي فوضى؟»، ومع محمد خان في «بنات وسط البلد»، ومع محمود حميدة في «بحب السيما» وغيرهم.

هل تودعين بعد هذا الفيلم الأدوار «الشقية»؟

«الشقاوة» جزء من تركيبة شخصيتي الإنسانية، وجزء من قدرة الممثل على اختيار أدوار جريئة تضيف إلى رصيده، وبهذا المنطق لن أتنازل عنها.

ماذا غير الشقاوة من سمات شخصيتك؟

العناد حتى مع نفسي، والعصبية، والإسراف.

هل سحب جيلك البساط من تحت أقدام الجيل السابق؟

لا مجال للمقارنة بين جيلنا وبين جيل يسرا وإلهام وليلى علوي، ولا يعني هذا أننا الأفضل. على العكس، الجيل السابق ما زال قادراً على العطاء وبقوة، لذلك أرفض عبارة «صراع الأجيال»، لأنه لا بد من الشراكة الفنية بين الأجيال كافة.

ما سر الحزن الموجود دائما في عينيك؟

سألت أمي يوماً، فقالت لي السبب أبي الذي انفصل عنها وهجرنا وكان  عمري سنة ونصف السنة، ولكن علاقتي بوالدي طيبة جداً وأزوره دائماً، والتقي أخي وأختي منه مصطفى وإيمان.

 

ما أقرب مكان إلى قلبك؟

منزلنا في حي المنيل الذي أشعر بارتباط شديد جدا به.

قال الكاتب الصحافي مفيد فوزي إن الفنانين الشبان لا يطالعون وليست لديهم ثقافة عامة واستشهد بحوار دار بينك وبينه.

الأستاذ مفيد صديق العائلة ونبهني إلى ضرورة التسلح بالثقافة والقراءة لأنني في رأيه نجحت كممثلة لتمتّعي بموهبة وقبول أولاً، ولا بد من أن أدعم ذلك وأنميه بالثقافة والاطلاع على كل ما يدور في العالم.

حدثينا عن الفيلم الذي تصورينه مع المخرج يسري نصر الله.

«الماء والخضرة والوجه الحسن» تجربة جديدة على السينما المصرية، يمزج بين الكوميديا والتراجيديا، ويدور حول الطباخين في الأرياف وعلاقتهم بعضهم فبعض، والمعاناة التي يواجهونها أثناء تواجدهم في أفراح فئات مختلفة من المجتمع المصري. يشاركني في الفيلم كل من: ليلى علوي، وباسم سمرة، وصابرين، وأنعام سالوسة، وأحمد داود، ومحمد الشرنوبي. وللعلم، الفيلم قصة باسم سمرة، وأعجب بها يسري نصرالله، وأعطى الفكرة لأحمد عبدالله فكتب السيناريو بالتعاون مع يسري. أما الإنتاج فيتولاه أحمد السبكي في مغامرة جديدة يخوضها لأول مرة مع هذه النوعية من الأفلام.

تصورون الفيلم بعيداً عن القاهرة؟

في بلقاس بالمنصورة.

متى ينتهي تصويره؟

نحتاج إلى نحو عشرة أيام وينتهي التصوير.

هل تتوقعين جائزة عن دورك؟

أتمنى، لأن طعم الجائزة جميل جداً للفنان، ويؤكد له أنه يسير في الطريق الصحيح.