المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر
المؤتمر الذي نظمته الجامعة العربية المفتوحة بالشراكة مع المعهد العربي لإنماء المدن، وبرنامج الخليج العربي للتنمية (أجفند) بالرياض، واتحاد مصارف الكويت تحت رعاية حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وحضور وزير التربية وزير التعليم العالي الدكتور بدر العيسى، يهدف إلى تسريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية لخلق فرص وظيفية وتنمية الموارد البشرية، والإسهام في رفع معدلات النمو الاقتصادي المنخفضة في كثير من الدول العربية، وحل ارتفاع معدلات البطالة وخصوصاً وسط الشباب والنساء.ما ذكره المتحدثون في المؤتمر من أرقام مخيفة يحتاج إلى وقفة جادة من حكومات الدول العربية؛ لرفع معاناة الأسر الفقيرة وتمكين الشباب من العمل بعيداً عن الوظائف الحكومية التي تعاني التكدس، وعدم قدرتها على استقبال الخريجين، ناهيك عن سياسات التوظيف في القطاع الخاص الذي هو الآخر لم يعد مغرياً في ظل الأوضاع الساخنة التي يعيشها وطننا العربي.
من جملة تلك الأرقام التي إن لم تبادر المجتمعات إلى حلها فإن الشباب سيكون عرضة للضياع الأخلاقي وصيد سهل للمنظمات الإرهابية، حيث بلغ متوسط نسب البطالة بين الشباب 20% هذا إذا ما عرفنا أن نسبة 60% من التعداد السكاني للوطن العربي ممن هم دون عمر 25 عاماً.من الواضح أن مشاريع الدعم القائمة للاقتصاد الحر لم تأت بجديد في ظل سياسات اقتصادية فاشلة تتبعها حكومات الدول العربية، التي تتعامل مع هذه المشكلة دون وجود رؤية واضحة أو إجراءات تنفيذية تساهم في حل مشكلة البطالة التي أضحت مشكلة مزمنة حتى بين الدول الغنية.قوانين دعم الشباب والمرأة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار تجارب الدول عبر تحرير الاقتصاد كما هي حال الكثير من الدول، ولنا في تجربة اليابان خير مثال، حيث يشكل القطاع الخاص 90% من مجموع الدخل القومي ونسبة العمل فيه تفوق 70% وهكذا بقية الدول الغربية والدول الصاعدة. ما ذكرة المتحدثون عن أهمية ضخ ما قيمته 70 مليار دولار لدعم تلك المشاريع في الوطن العربي لا أظنه الحل المناسب إن لم يصاحبه تشريعات تسهل وتساعد الشاب على كسب لقمته بطريقة شريفة، عبر مشاريع مربحة مدعومة بدراسات جدوى اقتصادية.البعض ينتظر مبادرات الشباب الذاتية لدعمها، والتي غالباً ما تنجح بين أوساط الشباب الجامعيين وأبناء الأسر الغنية، لكن هؤلاء لا يشكلون السواد الأعظم من المشكلة إذا ما نظرنا إلى أصحاب الحرف والمهن التي أضحت عرضة للاندثار بسبب ضعف المردود المادي وجشع التجار الذين يستحوذون على النسبة الكبرى من الربح والتي تتجاوز 90%.هناك الكثير من التوصيات التي خرج منها المؤتمر أراها بمثابة خريطة طريق إذا ما تم تنفيذها ضمن مشاريع وطنية على أن ينشأ بنك عربي يشرف على تلك المشاريع وتنفيذها، وألا تخرج فكرته عن إنعاش اقتصادات المجتمعات العربية.أمنية أتمنى من المجتمعات العربية تحقيقها لأصحاب تلك المشاريع الصغيرة، خصوصاً الحرفيين منهم والعاملين في الزراعة، وذلك من خلال تطبيق فكرة "التجارة العادلة" التي تهدف إلى أن تكون فيها النسبة الكبرى من الأرباح لهم أسوة بالكثير من الدول التي اتبعت هذا المفهوم.شكر خاص للأستاذة الدكتورة موضي الحمود ولطاقم التنظيم الرائع وللمشاركين والداعمين لهذا المؤتمر على حسن التنظيم وعلى هذه الفكرة الرائعة.ودمتم سالمين.