أقرت موسكو باحتمال تعرض طائرتها التي سقطت في سيناء لعمل إرهابي فيما توجه وفد أمني مصري إلى موسكو للاطلاع على المعلومات الاستخبارية التي أمدت بها بريطانيا روسيا حول سقوط الطائرة.

Ad

في أول تصريح روسي من نوعه، أقر رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف احتمال أن يكون تحطم الطائرة في مصر ناجماً عن «عمل إرهابي».

وقال ميدفيديف في مقابلة مع صحيفة «روسيسكايا غازيتا» نشرت مقتطفات منها مساء أمس «هناك احتمال وجود عمل ارهابي كسبب لما حدث».

في المقابل، قالت مصادر أميركية مطلعة إن مسؤولين روسيين تراقبهم المخابرات الأميركية يعتقدون أن قنبلة أسقطت الطائرة الروسية.

في غضون ذلك، كشف مصدر رفيع المستوى لـ"الجريدة"، أن القاهرة أرسلت وفداً أمنياً إلى موسكو لمقابلة مسؤولين من الاستخبارات الروسية، بعدما وافقت روسيا على إطلاع مصر على المعلومات التي أمدتها بها بريطانيا بخصوص سقوط الطائرة الروسية في سيناء أواخر أكتوبر الماضي.

وكانت موسكو أعلنت أن لندن أرسلت إليها "معلومات معينة" حول حادث الطائرة المنكوبة، وقالت وزارة الخارجية البريطانية، إنها سلمت موسكو استنتاجاتها المبنية على معلومات استخباراتية، تفيد بوقوع عمل إرهابي على متن الطائرة التي تحطمت بعد 23 دقيقة من إقلاعها من مطار شرم الشيخ وقتل كل من كان على متنها وعددهم 224 شخصا بينهم 220 روسيا.

ورغم أن القاهرة تلتزم الصمت إزاء التقارير الغربية التي رجحت فرضية قيام جماعة "ولاية سيناء" الفرع المصري لتنظيم "الدولة الإسلامية" المعروف بـ"داعش" بتفجير الطائرة، وتتمسك بضرورة الانتهاء من التحقيقات وإعلان نتائجها بشكل كامل، فإن تبعات هذه الفرضية ألقت بتحديات أمنية خطيرة على نظام الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي بنى شرعيته على مكافحة الإرهاب والتصدي للجماعات التكفيرية المسلحة التي نشطت في سيناء عقب إطاحة الرئيس الأسبق محمد مرسي، 3 يوليو 2013.

في هذه الأثناء، قال وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعلون، إن إسرائيل تعتقد أن متشددين أسقطوا طائرة الركاب الروسية.

على صعيد منفصل، يبدأ الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي اليوم زيارة للمملكة العربية السعودية للمشاركة في أعمال القمة الرابعة للدول العربية ودول أميركا الجنوبية، التي تُعقد في الرياض.

قدرات «داعش»

في غضون ذلك، قالت مصادر محلية في محافظة شمال سيناء لـ"الجريدة"، إن قدرات تنظيم "ولاية سيناء" تقلصت بعد إطلاق الجيش عملية "حق الشهيد"، قبل نحو شهرين، إلا أن تلك المصادر رجحت حصول التنظيم من حين إلى آخر على دعم خارجي، يشمل صواريخ "الكورنيت" المضادة للمدرعات والتي بدأ في استخدامها مؤخرا، مؤكدة أن التنظيم لديه القدرة على الانتشار الجغرافي وسط سيناء، وتحديدا في المثلث الذي شهد سقوط الطائرة الروسية بالقرب من قرية الحسنة.

وحلل التقارير الأولية الخبير الأمني، خالد عكاشة، لـ"الجريدة"، قائلا: "في حال أثبتت التحقيقات أن قنبلة وراء سقوط الطائرة فسيكون الأمر في غاية الخطورة، وسيعد تحولا كبيرا في نوعية العمليات التي يتبناها التنظيم، وسيكون له تداعيات دولية خطيرة، وربما تطلب دول لها أطماع في مصر المشاركة في شن عمليات عسكرية داخل سيناء، كما سيتسبب الحادث في ضرب ثقة الرأي العام العالمي في قدرة مصر على التصدي للإرهاب، الأمر الذي ربما يتسبب في ابتزاز مصر سياسياً".

استفادة وتحذيرات    

وقال الخبير في الحركات الأصولية صبرة القاسمي، لـ"الجريدة"، إن "داعش أكثر المستفيدين من الحادث في تدعيم هيبته وهيمنته على التنظيمات الجهادية في المنطقة". وأضاف القاسمي أن "أجهزة استخبارات دول غربية عقدت اجتماعاً الفترة الماضية، وأجمعت على أن داعش أصبح أمراً واقعاً، ما يعني أنها ربما تستعد للتنسيق معه، بحجة تأمين مصالحها في المنطقة، كما حدث من قبل مع حركة طالبان في أفغانستان، حيث تعاملت الدول الغربية معها، قبيل إسقاطها من التحالف الأميركي في 2001".

مقتل قيادي

في سياق قريب، أعلنت وزارة الداخلية المصرية أمس، مقتل القيادي بـ"ولاية سيناء"، المدعو أشرف علي حسنين الغرابلي، أثناء وجوده بمنطقة المرج شمال القاهرة، وقالت "الداخلية" في بيانها إن أجهزة الأمن تمكنت من رصد الغرابلي، أثناء تردده على منطقة المرج للإعداد والتخطيط لتنفيذ عملية إرهابية كبرى في العاصمة المصرية. وأضافت أنه عندما حاولت قوات الشرطة الاقتراب منه بادرها بإطلاق النار، لترد عليه ويسقط قتيلا في الحال.

ووصفت "الداخلية" الغرابلي بـ"أحد أخطر العناصر الإرهابية الهاربة"، ونسبت إليه الاتهامات في محاولة اغتيال وزير الداخلية السابق محمد إبراهيم، سبتمبر 2013، وتفجير مقر تابع للسفارة الإيطالية، يوليو الماضي، وحادث اختطاف المهندس الكرواتي ومقتله بالواحات البحرية أغسطس الماضي.

تدابير أميركية

إلى ذلك، قال وزير الأمن القومي الأميركي جاي جونسون، إن رفع التدابير الأمنية في مطارات الولايات المتحدة الأميركية يأتي من منطلق المراقبة والتقييم المستمر لسلامة الطيران.

وقال جونسون لـ"سي أن أن": "قررنا اتخاذ المزيد من الإجراءات الاحتياطية طالما هذا التحقيق (التحقيق بسقوط الطائرة الروسية في سيناء) مستمر... داعش موجود في الخارج الآن ونشط في العديد من المناطق وقام بإعلان مسؤوليته، وهو ما نعتقد أنه أمر كبير".

وتابع قائلا: "نريد من الناس معرفة أن مسؤولي الطيران يركزون بصورة كبيرة على هذا الموضوع ومستمرون بتقييم ما إذا وجب تقديم المزيد من الإجراءات، وإعلاننا عن تشديد الإجراءات الأمنية في المطارات يأتي من تقييمنا المستمر لهذه الأوضاع ونركز على محاولة فهم ما جرى وما يمكن تقديمه إلى تلك المنطقة".

وأردف: "أنا مرتاح من أننا وضعنا هذه المعايير الأمنية المؤقتة والاحتياطية وما نقوم به حاليا هو تقييم ما إذا وجب علينا رفع وإضافة معايير سلامة أخرى وهذه العملية مستمرة دون توقف ولا تأخذ استراحة أو عطلة بنهاية الأسبوع".

عباس: رفضت 1000 كم في سيناء أيام مرسي

أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس مساء أمس الأول أنه رفض عرضا إسرائيليا لتسلم 1000 كيلومتر في سيناء في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي.

وقال عباس، خلال لقائه الإعلاميين المصريين، في مقر إقامته بقصر الضيافة بالقاهرة، إن مشروع سيناء كان مطروحا للتشاور بين حركة حماس وإسرائيل، لاقتطاع 1000 كم من أراضي سيناء لتوسيع غزة في زمن مرسي، لكنه رفض المشروع قائلا: "لن نأخذ أي سنتيمتر واحد من أرض مصر".

كما ذكر أن الرئيس المعزول عاتبه على رفض العرض، وقال باللهجة المصرية العامية: "وإنت مالك إنت هتاخد أرض وتوسع غزة".

ورفض القيادي في حركة حماس غازي حمد هذه التصريحات. وقال عبر صفحته على "فيسبوك": "لا يمكن ان تصدقوا هذه الاسطوانة المشروخة التي يكررها الرئيس عباس"، واضاف: "أولا: مرسي لا يستطيع ولا يملك سياسيا وقانونيا ان يمنح حماس شبرا واحدا من سيناء، ثانيا: قيادة حماس قابلت مرسي عدة مرات ولم تسمع منه حرفا مما قاله عباس".