عقب رحيل النجم العالمي عمر الشريف أصدرت إدارة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي بياناً نعتته فيه قائلة: «ارتبط بعلاقة خاصة مع المهرجان لم تقف عند حدود الدعم الكبير الذي قدمه طوال تاريخه، وإنما وافق متبرعاً بجهده الوافر، ووقته الثمين، على تولي الرئاسة الشرفية للدورة الثلاثين، واستثمرت علاقاته الوطيدة بنجوم السينما في العالم، ونجح في إقناعهم بدعم المهرجان، وتلبية دعوته وحضور فعالياته، مما كان له أكبر الأثر في ترسيخ المكانة الدولية للمهرجان، وتأكيد السمعة الطيبة التي اكتسبها»، وقطعت إدارة المهرجان وعداً على نفسها بأن تُنظم احتفالاً يليق بالنجم العالمي الكبير، وهو ما فعلته عبر الاحتفالية التي نُظمت على هامش الدورة 37 (11 – 20 نوفمبر 2015) وشهدت عرض فيلم «السيد إبراهيم وزهور القرآن»، ودُعي لحضورها من شاركه مسيرته الفنية أو اقترب منه في رحلته الإنسانية ثم انفرد المهرجان بعرض النسخة المُرممة للفيلم الفرنسي «جحا»، الذي جمع بينه وكلوديا كاردينالي في أول مرة تقف فيها أمام الكاميرا، وعمرها لم يتجاوز السابعة عشر، عقب تتويجها ملكة جمال تونس في المسابقة التي نظمتها القنصلية الإيطالية في العام 1957، كما عرض المهرجان فيلميه الشهيرين «لورانس العرب» و{دكتور زيفاجو»، وأصدر كتاباً بعنوان «وجوه عمر الشريف» حرره الناقد السينمائي محمود قاسم.

Ad

ما يجهله الكثيرون أن مهرجان القاهرة السينمائي كان عازماً، أيضاً، على عرض الفيلم القصير «ألف اختراع واختراع وعالَم ابن الهيثم»، الذي يُعد بمثابة آخر مشاركة فنية من عمر الشريف، لكن الاتفاق لم يُكلل بالنجاح بينما نجح «مهرجان دبي السينمائي الدولي» في الإعلان عن إتمام الاتفاق النهائي الذي يكفل له العرض العالمي الأول للفيلم في الدورة الثانية عشرة (9 – 16 ديسمبر 2015).

«ألف اختراع واختراع وعالَم ابن الهيثم» هو الفيلم الذي أعاد عمر الشريف إلى التمثيل، بعد فترة زهد فيها الكاميرا، والأضواء، قبل أن يقرر فجأة العودة لأجل دعم مخرج ومنتج الأفلام القصيرة أحمد سليم، والفيلم يمثل تجربة إنتاج بريطاني-إماراتي مشترك، وهو ما برر عرضه في مسابقة «المهر الخليجي» للأفلام القصيرة، الذي يتبنى المواهب السينمائية الخليجية، وكما هو متوقع يروي الفيلم القصة الساحرة للعالم العربي الشاب الحسن بن الهيثم، الذي لُقب بـ «فيلسوف القرن الحادي عشر»، لنجاحه في اكتشاف كيفية الرؤية، وفهم مبادئ نظريات البصريات، وخصائص الضوء، الأمر الذي ساعد على وضع أسسٍ للعلوم الحديثة، ومنحه لقب أبو الفيزياء التجريبية وعلم البصريات الحديث والمنهجية العلمية، فضلاً عن كونه أحد أوائل مستخدمي ما يسمى اليوم بـ «الغرفة المظلمة»، التي تُشكل أساس التصوير الفوتوغرافي والسينمائي.

الطريف أن الشريف أبدى حفاوة تامة، وترحيباً منقطع النظير، عندما عُرض عليه أمر المشاركة في فيلم»ألف اختراع واختراع وعالَم ابن الهيثم»، وبرر هذا بأنه أعجب بالقصة وبالعمل الذي يحتفي بسيرة عالم فيزياء، ويُذكره بالفيزياء التي درسها قبل أن يلتحق بالمجال السينمائي، ويمثل الفيلم أول وآخر تجربة تعاون بين «الشريف»ومؤسسة «1001 اختراع» التعليمية البريطانية الرائدة، في ما يتعلق بتسليط الضوء على كل من يسعى إلى حلم ما، وينجح في الوصول إليه، والفوائد الكبرى التي تتحقق من وراء هذا الطموح المشروع.  كانت منظمة الأمم المتحدة قد أعلنت اعتبار الفيلم جزءاً من حملة «السنة الدولية للضوء»، وجزءاً من الحملة العالمية لتكريم ابن الهيثم، التي دعت إليها منظمة اليونسكو مع مؤسسة «1001 اختراع»، ويقودها المخرج أحمد سليم، الذي أهدى الفيلم إلى روح عمر الشريف، وقرر عرضه في «مهرجان دبي السينمائي الدولي» تخليداً لذكراه. من جانبها قررت إدارة المهرجان عرض الفيلم مرتين، وقالت إنه «آخر الأفلام الخمسة عشر المشاركة في برنامج «المهر الخليجي للأفلام القصيرة»، وهو ما أكده مسعود أمر الله آل علي، المدير الفني للمهرجان بقوله: «لقد ترك رحيل عمر الشريف أثراً كبيراً علينا، كما ترك تأريخه الفني إرثاً عظيماً في صناعة السينما، ولقد سبق أن منحه المهرجان في دورته الأولى عام 2004 «جائزة إنجازات الفنانين»، ومن الطبيعي اليوم أن نكرّم آخر فيلم قام بتمثيله من خلال مسابقة «المهر الخليجي» للأفلام القصيرة، التي نسعى فيها إلى تقديم أفضل المواهب والإبداعات السينمائية من المنطقة والعالم»، بينما قال المخرج أحمد سليم: «يسعدني أن يحظى الفيلم بشرف عرضه العالمي الأول في دبي، ويحزنني أن المبدع عمر الشريف لن يكون معنا في هذه المناسبة، ومما لا شك فيه أن حياة ابن الهيثم وإسهاماته الملهمة في عالمنا تستحق التقدير والاحترام من الجميع، خصوصاً العاملين في مجال السينما والتصوير الفوتوغرافي».