تواصل هيلاري كلينتون وضع العقبات في طريقها، لكنها تبقى رغم ذلك المرشح الأوفر حظاً لسدة الرئاسة، ولا شك أن عناوين الأخبار التي تنادي بتراجع شعبية كلينتون محقة، إلا أن هذا التراجع نسبي، ففي المنافسة للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي، تشير استطلاعات الرأي إلى أنها تراجعت من "المرشح الأكيد" إلى ما يشبه "مرشحاً قوياً"، ولا يُعتبر هذا سيئاً نظراً إلى طريقة تعاطيها مع فضيحة الرسائل الإلكترونية.

Ad

يعطينا استطلاع جديد للرأي أجرته واشنطن بوست-ABC News لمحة واضحة عن مكانة كلينتون، فمن بين الناخبين المسجلين الديمقراطيين أو مَن يميلون إلى هذا الحزب، تحظى كلينتون بنسبة 42% في حين ينال السيناتور بيرني ساندرز من فيرمونت 24% ونائب الرئيس جو بايدن 21%، فضلاً عن ذلك، يشير استطلاع واشنطن بوست-ABC News إلى أن دعم كلينتون تراجع منذ شهر يوليو 21 نقطة. إذاً، نعم، تملك حملتها أسباباً لتشعر بالقلق، ولكن لا داعي للهلع.

لكن ما ينقذ ماء الوجه بالنسبة إلى كلينتون أن نصف ما خسرته من دعم فحسب ذهب إلى ساندرز، الذي يدير حملة ذكية وفاعلة، خصوصاً في أيوا ونيوهامشير، أما النصف الثاني، فذهب إلى بايدن، الذي لا يدير حملة البتة، وقد لا يقوم بذلك مطلقاً.

في مشاركاته الإعلامية الأخيرة، كشف بايدن حزنه العميق لموت ابنه بو، لذلك لم يعتقد أحد ممن شاهدوه قبل أيام في برنامج Late Show مع ستيفن كولبرت أن بايدن متحمس للترشح. أخبر بايدن كولبرت: (لا أعتقد أن على أي رجل أو امرأة الترشح للرئاسة ما لم يعرف، أولاً، لمَ يريد أن يصبح رئيساً، وما لم يستطع، ثانياً، النظر إلى الناس من حوله والقول: "أعدكم بأنني سأعمل من كل قلبي، وروحي، وطاقتي، وشغفي لأتمم مهامي".

وأكذب إن قلت لك إن هذه حالتي).

إذا صدقنا ما يقوله بايدن وأخرجناه من المعادلة، يرتفع دعم كلينتون إلى 56%، وفق استطلاعPost-ABC News، في حين يزداد دعم ساندرز قليلاً ليبلغ 28%.

صحيح أن ساندرز يتمتع بشعبية كبيرة بين الناخبين الشبان والتقدميين، إلا أن التحدي الذي يواجهه يكمن في أنه لم ينجح في التواصل مع الشرائح الأساسية الأخرى في ائتلاف الحزب الديمقراطي، ففي شهر أغسطس، كشف مسح أجراه معهد غالوب أن كلينتون تتمتع بتأييد يصل إلى 80% بين الأميركيين المتحدرين من أصل إفريقي، مقارنة بنحو 23% لساندرز، ولا يعكس هذا أي كره محدد تجاه سيناتور فيرمونت هذا، إلا أن 33% فقط من هؤلاء الأميركيين الأفارقة أخبروا غالوب أنهم يعرفونه. هل أتجاهل الصورة الكبيرة؟ هل فاتني واقع أن محاور الحملة الكبيرة تركز حتى اليوم على السأم من السياسة كالمعتاد ورفض مرشحي المؤسسة؟

كلا، غير أنني أعتقد أن التفاعلات الداخلية في الحزبين مختلفة، فالسأم من كلينتون بين الديمقراطيين مختلف كل الاختلاف عن الفوضى العارمة في الحزب الجمهوري.

لنعد إلى استطلاع Post-ABC News: يدعم 33% من الناخبين المسجلين الجمهوريين أو مَن يميلون إلى هذا الحزب الثري دونالد ترامب للفوز بترشيح حزبه، في حين يؤيد 20% آخرون الجراح المتقاعد بن كارسون، ويشير هذا إلى أن أكثر من نصف الحزب لا يرفض خيارات المؤسسة المفضلة فحسب، بل أيضاً أي مرشح قد تبوأ منصباً سياسياً.

عندما سُئل مَن شملهم الاستطلاع عن نوع الشخص الذي يودون أن يصبح الرئيس التالي، أجاب أكثر من 70% من الناخبين الميالين إلى الحزب الديمقراطي أنهم يريدون "شخصاً يحظى بخبرة ما في كيفية عمل النظام السياسي". لكن أكثر من نصف مَن يميلون إلى الحزب الجمهوري، ونسبة مفاجئة ممن يعتبرون أنفسهم جمهوريين "محافظين" بلغت 64%، يرغبون في "شخص من خارج المؤسسة السياسية القائمة".

لا شك أن هذا خبر سيئ بالنسبة إلى جيب بوش، وماركو روبيو، وسكوت والكر، وتيد كروز، وغيرهم ممن تبوءوا سابقاً أو ما زالوا يتبوءون مناصب سياسية في سباق الحزب الجمهوري، لكنه خبر جيد بالنسبة إلى كلينتون لأنها، إن فازت بترشيح الحزب الديمقراطي، فستواجه على الأرجح مبتدئاً تُعتبر مؤهلاته وطباعه موضع شك أو سياسياً مخضرماً يناضل ليعزز دعم حزبه المجزأ.

ينطبق كل هذا إن افترضنا أن كلينتون لم تتوصل إلى طريقة لتهزم نفسها. نعم، أدرك أن هذه سنة خطرة لإطلاق التخمينات، وأعجز عن تخيل طريقة كان بإمكان كلينتون وفريقها من خلالها التعاطي بشكل أسوأ مع الجدل الدائر حول رسائل وزارة الخارجية الإلكترونية، فبدل الإفصاح عن الحقيقة كاملة دفعة واحدة، تركوها تظهر تدريجياً، مما أبقى هذه القصة المسيئة لها حية، ولا شك أن المهمة الكبرى التي تنتظر كلينتون واضحة: لا تضع العقبات في طريق نفسها.

* يوجين روبنسون | Eugene Robinson