{سكر مُر}!
![مجدي الطيب](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1458322261627985900/1458322269000/1280x960.jpg)
لا يمكن بالطبع إنكار الجهد الكبير الذي بذله الشاب محمد عبد المعطي، الذي كتب للسينما سابقاً فيلم «المهرجان» (2014) بطولة السادات وفيفتي مع أمينة خليل، التي يبدو أنه مقتنع بها بدرجة كبيرة، بدليل اختيارها للمشاركة في البطولة الجماعية للفيلم الجديد. لكن السيناريو عانى مشكلة كبيرة تتمثل في الانتقالات الزمنية الكثيرة، حيث يبدأ الفيلم ليلة 31 ديسمبر من العام 2011 ثم يعود إلى الليلة نفسها من العام 2010 ثم ليلة 31 ديسمبر 2009 وبعدها يعود إلى ليلة البداية، ثم يقفز إلى ليلة رأس السنة في أعوام 2012 و2013 و2014، وهو ما تسبب في كثير من الاضطراب والبلبلة، التي كادت تصيب التجربة في مقتل لولا براعة المونتاج (أحمد حافظ)، وارتفاع أداء بعض الممثلين (نبيل عيسى وسارة شاهين). فالقول بأن الانتقالات الكثيرة كانت متعمدة لرصد سنوات الفوران وعدم الاستقرار، مع تكريس الشعور بأن الأماني، التي تنعقد عليها الآمال مع كل ليلة رأس سنة لا تتحقق، يعكس طموحاً مشروعاً لكنه ضل الطريق إلى المتلقي الذي تم إقصاؤه من دائرة الترفيه والمتعة ليجد نفسه مُطالباً بإعمال ذهنه في البحث عن السر وراء التحولات المفاجئة التي أصابت الشخصيات الكثيرة التي ألقيت في طريقه، وفك طلاسم المواقف المتناقضة التي وجدها أمامه، وهي عملية شاقة ومرهقة أدركت مدى صعوبتها عندما نظرت حولي فاكتشفت أنني أشاهد الفيلم مع شخص آخر فقط! الغريب أن المخرج هاني خليفة بدا متعاطفاً في فيلم «سكر مُر» مع الرجال، الذين تحولوا إلى ضحايا للنساء، على عكس ما فعل في فيلم «سهر الليالي»، الذي احتفى بضحاياه من النساء.غير أنه، والمؤلف محمد عبد المعطي، ثمنا المرأة القوية التي تملك مصيرها وقرارها، كالشخصية التي جسدتها سارة شاهين، وهجرا الشكل التقليدي للسيناريو كما عرفته السينما المصرية، واعتمدا طريقة سرد صادمة لكنها مبتكرة، فالمشاهد لن يتوقع، مُطلقاً، ما سيحدث على الشاشة، لكنه في المقابل سيبدي دهشة حيال التحولات العجيبة للشاب «حسام» (هيثم زكي) بين العربدة في الملاهي الليلية بصحبة الراقصات، والالتزام الديني، وعودته مجدداً إلى تعاطي الحشيش مع احتفاظه بحقه الشرعي في الزواج مثنى وثلاث ورباع! فيلم «سكر مُر» قد يثير امتعاض البعض لأنه يقترب من هموم طبقة مخملية لا تشكل النسبة الغالبة من المجتمع المصري، لكن يُحسب له تقديمه قراءة كاشفة لجيل يبحث عن ذاته، وعما يؤمن له مستقبله، فيما يعيش تناقضات وانقلابات هي انعكاس للتحولات التي مرت بها البلاد في السنوات الأخيرة، بدليل أن النهاية السعيدة لا وجود لها في هذا الفيلم الذي ترك الخطوط مفتوحة، والمفاجآت واردة، فالعلاقات الشرعية انتهت بالطلاق، والمحاولات ما زالت مستمرة للوصول إلى بر الأمان، وطعم السكر ما زال مُراً!المثير أن العنوان الحقيقي للفيلم، كما كُتب في التترات، هو «حبيبي سكر مُر»، في إيحاء بأنه ترجمة سينمائية للمقطع الذي يقول فيه صلاح جاهين: «حبيبي سكر مُر طعم الهوى فرق ما بينا البين ما عدناش سوا» فلم حدث التغيير؟