قال عقاريون إن الحكومة يجب أن تضع الحلول المناسبة لمعالجة مشكلة الارتفاع الجنوني لأسعار الإيجارات، وحفظ حق الطرفين مالك العقار والمؤجر.

Ad

"شقق للإيجار" إعلان ربما لا يكاد يوم يمر إلا ويصادفنا في الصحف الإعلانية ومواقع التواصل الاجتماعي، أو يكون معلقاً على جدران العقارات الاستثمارية، حتى لوحظ ارتفاع كثافة هذه الإعلانات أخيراً. لكن رغم عودة هذه الظاهرة فإن القيم الإيجارية ما زالت مرتفعة، وهذه الصورة تستدعي سؤالاً جوهرياً حول مدلول انتشار تلك اللافتات هل تعني الوفرة في الشقق والمساكن، أم لها معان أخرى.

ويرى بعض خبراء العقار أن الاعلانات بوجود شواغر في الشقق تتزايد في العمارات ذات التشطيب السيئ، والمواقع غير الجيدة التي تعتبر فيها الإيجارات مرتفعة دون وجود مبرر، فبالتالي وجود شقق خالية أمر طبيعي، كما تتزايد إعلانات التأجير في العمارات حديثة الإنشاء فتعلن بدء التأجير، وهذا أيضاً أمر طبيعي.

ويقول العقاريون إن عودة وتزايد ظاهرة إعلانات شقق غير المؤجرة لا تدل بالضرورة على انخفاض الطلب على الشقق بل قد تدل على انخفاض القيمة الإيجارية لتلك الشقق بشكل بسيط، كما أن للركود الذي أصاب السوق العقاري دوراً كبيراً في عودة تلك اللافتات من جديد.

إشكالية «اللافتات»

ويوضح العقاريون أن إشكالية ارتفاع إيجارات الشقق مع وجود لافتات للتأجير تأتي وفق عوامل عديدة، منها أن العقارات الاستثمارية المعروضة حاليا، أعلى من الطلب، لاسيما بعد أن أصدرت الجهات الرقابية قوانين شددت فيها على الوافدين والعزاب وترحيل عدد كبير من العمالة، مما نتج عنه شغور في بعض الشقق، فتزايدت الإعلانات الشقق غير المؤجرة، بالإضافة إلى أن ملاك العقارات ذات التشطيب السيئ لديهم الرغبة في أن تكون أسعار إيجارات الشقق وفق أسعار السوق فيعلنون عن وجود شواغر.

وتنقسم العقارات الاستثمارية إلى مجموعات منها العمارات الحديثة وكاملة المواصفات وذات التشطيب الجيد والتي توفر مساحات كبيرة ومواقف سيارات، هذا نوع لا توجد فيه شواغر بالشقق، وهناك عقارات استثمارية ذات مواقع ممتازة وتشطيباتها نوع ما جيدة تصل نسبة الشواغر فيها إلى 20 في المئة، أما النوع الثالث وهو النوع الرديء وهي العقارات التي تصل نسبة الشواغر فيها إلى نسبة عالية.

العائد على الاستثمار

وذكرت تقارير متخصصة بالقطاع العقاري أن الطلب على العقارات الاستثمارية يرتبط بمعدلات العوائد الاستثمارية عليها والتي استقرت نسبياً على مستوى المحافظات لتتراوح ما بين 6.36 في المئة و7.20 في المئة خلال الربع الأول من 2015، ففي مناطق العاصمة تراوحت نسب العوائد ما بين 6.25 في المئة و6.63 في المئة، بينما ما زال متوسط عوائد العقارات الاستثمارية على مستوى محافظة حولي عند نسبة قدرها 6.59 في المئة إذ استقرت نسب عوائد العقارات الاستثمارية في مناطق المحافظة بين 6 في المئة و6.75 في المئة خلال الربع الأول من 2015.

كما استقرت العوائد الاستثمارية على عقارات في محافظة الفروانية عند 7.05 في المئة، كذلك استقرت العوائد لتتراوح ما بين نسبة 6.6 في المئة و7.25 في المئة في مناطق محافظة الأحمدي، واستقرت العوائد الاستثمارية على مستوى محافظة مبارك الكبير بنسبة 7.15 في المئة لتتراوح العوائد التي سجلتها مناطق المحافظة ما بين 7.00 في المئة و7.38 في المئة، كما استقرت العوائد الاستثمارية في مناطق محافظة الجهراء عند نسبة تراوحت ما بين 7 في المئة و7.25 في المئة خلال الربع الأول من 2015.

وتوضح التقارير أن العوائد الاستثمارية على العقارات الاستثمارية

ما زالت تتصف بالتنافسية والاستقرار إذا ما قورنت بمعدلات العائد على الودائع في البنوك، أو العوائد المتذبذبة في سوق الكويت للأوراق المالية.

ويرى العقاريون أن الاستثمار في الشقق والمشاريع الكويتية يعد من أفضل أدوات الاستثمار، وسيحقق عائداً يتراوح بين 5 و 6 في المئة سنوياً، مؤكدين أن العائد السنوي للاستثمار في العقارات الاستثمارية

مازال الأفضل بين الفرص الاستثمارية الأخرى المتاحة في السوق.

مشكلة ارتفاع الإيجارات

من جانب آخر، قال عقاريون إن الحكومة يجب أن تضع الحلول المناسب لمعالجة مشكلة ارتفاع الجنوني لأسعار الإيجارات، وحفظ حق كل من الطرفين مالك العقار والمؤجر، فمن غير المعقول أن تفوق القيم الإيجارية في الكويت بعض الدول العربية بل الأوروبية أيضاً.

وتابعوا أن الإيجارات المرتفعة أثرت سلباً على حياة المواطن، ناهيك عن حياة الوافد متدني الدخل، وهناك الكثير من التقارير التي رصدت تأثر ميزانية العاملين بشكل كبير من ارتفاع أسعار الإيجارات التي استحوذت على جزء كبير من رواتبهم.

وأشاروا إلى أن حل مشكلة ارتفاع الإيجارات، يكمن في إنشاء مدن سكنية جديدة، تحتوي على شقق للتمليك، أو للإيجار، موضحين أن الكويت مرت مثل تلك المشاكل خلال فترة السبعينيات، حيث شهدت الإيجارات آنذاك ارتفاعات قياسية، وتم التغلب عليها بإنشاء ثلاث مدن استثمارية.

قانون الإيجارات

وحول نية تحديد القيمة الإيجارية للشقق في العقارات الاستثمارية، لفت إتفق العقاريون على أن "لا حد يمانع تنظيم العملية ما بين المستأجر والمؤجر، ولكن التوجه نحو تعديل القانون بتحديد القيمة يعد أمراً مرفوضاً وخاطئاً، بسبب التأثيرات السلبية التي سيلقيها هذا القانون المقترح على السوق العقاري، مبيناً أن هذا القانون سيجعل قطاع العقار الاستثماري غير جاذب للاستثمارات، وسيؤدي إلى تقليص الاستثمارات التي تضخ فيه.

وأشاروا إلى أن الأسعار ارتفعت وتضاعفت خلال السنوات القليلة الماضية، مشيرين إلى أن حل أزمة ارتفاع الإيجارات يكمن بإلزام الحكومة بتحرير الأراضي والسماح للمطورين العقاريين ببناء مدن استثمارية، وإفساح المجال أمام القطاع الخاص لتطوير الأراضي وبنائها، حيث أن الكويت تمتلك أراضي شاسعة غير مستغلة، فضلاً عن أن وزارة الإسكان لديها نحو 100 ألف طلب وحدة سكنية والوزارة غير قادرة على تلبيتها في الوقت الصحيح.

وأوضحوا أن مقترح النواب إنشاء إدارة لضبط الإيجارات أمر يتعارض مع مفهوم الاقتصاد الحر، لافتين إلى أن قلة المعروض من الشقق مقابل زيادة الطلب وراء ارتفاع الإيجارات، خلال السنوات الماضية أدت إلى ارتفاع الأسعار، ومن الصعب في الوقت الحالي انخفاضها إلا في حال بناء مدن جديدة، إذ ستعمل على عودة الأسعار إلى معدلاتها الطبيعية.

استمرار في الارتفاع

وحذر العقاريون من استمرار موجة ارتفاع إيجارات الشقق، حيث ستنتج عنها هجرة المقيمين من الكويت، وبالتالي يضطر القطاعان العام والخاص إلى جلب عمالة أخرى برواتب مرتفعة، أو بخبرات لأقل، مشيرين إلى أن القيم الإيجارية في دول معظم دول الخليج انخفضت بشكل ملحوظ بعد موجة الارتفاع، وهذا بسبب الرقابة الفعالة على السوق، بالإضافة إلى بناء المدن الاستثمارية.

وذكروا أنه وفقاً للمعطيات الموجودة في السوق المحلي، لن ترتفع الإيجارات خلال الفترة المقبلة، وسوف تشهد حالة من الجمود السعري بعد أن وصلت إلى مستويات مرتفعة لا يمكن تجاوزها، وهذا من المؤكد أن يترك تأثيراً كبيراً على السوق العقاري المحلي.

وشددوا على أن السوق العقاري المحلي بحاجة إلى رقابة أكثر فاعلية عما هو عليه الآن، حيث أن مخالفات البناء في العقارات الاستثمارية أصبحت كثيرة، وأصبحت الشقة تنقسم إلى ثلاث شقق، وهذا من الطبيعي مخالف للقانون ويجب ضبط وتغريم ملاك العقارات المخالفة.

الإيجارات مستقرة

شهدت إيجارات الشقق في العمارات الاستثمارية مراحل عديدة، حيث ارتفعت خلال السنوات الثلاث الماضية إلى ما نسبته 45 في المئة تقريباً، لأسباب متعددة منها ارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء والأيدي العاملة، مما يضطر مالك العقار إلى رفع الإيجار، كما أن هناك من يستغل ارتفاع دخول المواطنين وكذلك الوافدين. ويقول البعض إن انخفاض العائد على الودائع في البنوك له دور أيضاً في ارتفاع الإيجارات، إذ أن عدداً كبيراً من المودعين سحبوا أموالهم واتجهوا للاستثمار في العقارات وتحديداً الاستثمارية حيث كانت تعطي عوائد تتجاوز نسبتها 8 في المئة آنذاك، مما تسبب في ارتفاع أسعار الأراضي والعقارات بصورة كبيرة ونتجت عنه بالتأكيد زيادة قيمة الإيجارات لكي يتمكن ملاكها من تعويض ما دفعوه.

ويؤكد العقاريون أن أسعار إيجارات الشقق في الوقت الحالي شبه مستقرة، مستبعدين ارتفاعها خلال الفترة المقبلة، بعد وصولها إلى أرقام قياسية، إضافة إلى ارتفاع العرض وظهور عقارات استثمارية كبيرة في مختلف المناطق، موضحين أن بعض الشقق في بعض المناطق شهد انخفاضات بنسبة لم تتجاوز 10 في المئة تقريباً، لأن العرض فاق الطلب.