«الخلبوص»!
![مجدي الطيب](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1458322261627985900/1458322269000/1280x960.jpg)
وعندما تضيق به الحياة، وتُغلق الأبواب في وجهه يكتشف أن الحب الحقيقي كان بجواره طوال الوقت مُجسداً في صديقته الكاتبة والمؤلفة «ملك» - إيمان العاصي – التي تحبه من طرف واحد، وترضى لنفسها أن تكون «الحبيب المجهول»، فهي تتحمل إهانته ورذالته وتضحي باستقرارها من أجل سعادته، وهو سادر في غيه، غارق في نزواته، ونتيجة لصدماته المتتالية يكتشف ما خفي عنه، ويعود إلى صوابه، ويهمس لنفسه: «أنا ما كنتش شايف ولا ماكنتش عاوز أشوف»!فيلم «لايت» - خفيف – يجنح إلى البساطة، وربما السطحية في أحيان كثيرة، فإذا لم يفهم المشاهد الرسالة من الجمل الحوارية، والمواقف، والشخصيات، يفهمها من الأغنية التي تحمل عنوان «وأنا بين ايديك» للمطربة رولا زكي، وتكاد تلخص مضمون الفيلم بالكامل (عارف كام واحد عاش قدامه حبيبته وقلبه ماشافهاش واستنت منه كلمة ما قالهاش... معايا ومش معايا وكل فترة يعيش حكاية)، فالفيلم يخاطب جمهور تربى على أفلام المخرج إسماعيل فاروق (ابقى قابلني، ولاد البلد وحصل خير) والمؤلف محمد سمير مبروك (محترم إلا ربع، عبده موته، القشاش، سالم أبو أخته والنبطشي)، وهو جمهور يُدرك الاثنان أنه محدود الوعي والثقافة، ومن ثم اتبعا مقولة ابن مسعود «ما أنت بمُحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم، إلا كان لبعضهم فتنة»، ورفضا استثمار فرصة توافر شكل وموضوع بعيدين عن أفلامهما السابقة، أو خوض مغامرة تستقطب شريحة أخرى من الجمهور، بل قدما فيلماً مدرسياً لا تغيب عنه النصائح التعليمية و»الكليشيهات» التقليدية، فالمؤلف يبدو متأثراً بمدرسة الكاتب يوسف معاطي في تشويه المثقفين والثوريين، حيث يُقدم الناشطة بصورة لا تمت بصلة إلى الواقع، ويوحي بأن مقر الحزب السياسي ليس سوى وكر تُدبر فيه الدسائس، وتتناثر في جنباته صور جمال عبد الناصر وغاندي، وأحياناً غيفارا، والشعارات على الجدران تُندد بالاستبداد وتنادي بالحرية، سواء كان الوكر لحزب فاشي أو ليبرالي، وكالعادة في كل الأفلام التي من هذا النوع، ينتهي الأمر بمباحث أمن الدولة وهي تُلقي القبض على الجميع، وكأنهم أعضاء في شبكة دعارة، ومع هذا نجح «مبروك» في رسم الشخصيات بدقة، ومنح كل شخصية خصوصية، باستثناء مبرر «الإيدز»، وجاء «إفيه» الصورة السيلفي التي تتوج كل علاقة فاشلة ليحمل بعض الطرافة، وإن كنت أرفض القول إن الفيلم يناقش ظاهرة «عنوسة الرجال»، وأرى فيه قدراً كبيراً من التضخيم والتهويل.على الجانب الآخر عكست التجربة الجهد الملحوظ الذي طرأ على أداء المخرج إسماعيل فاروق وأسلوبه، وكأنه يغير جلده بعد سلسلة من الإخفاقات الفنية، فالقطعات السريعة خلقت إيقاعاً لاهثاً (مونتاج غادة عز الدين) والصورة مبهرة بشكل ملحوظ (يوسف بارود) والتوظيف جيد وجديد للمطرب الشعبي عبد الباسط حمودة، واختيار الوجهين الجديدين (سامية الطرابلسي ورانيا الملاح) حالفه التوفيق، بينما اتسم أداء إيناس كامل بالعصبية والمبالغة، وقفز محمد رجب خطوات إلى الأمام تحت قيادة إسماعيل فاروق، في أول تعاون بينهما، وإن كنت أرى أن ثمة ضرورة في السيطرة على أداء «رجب» بشكل أكبر، حيث يبدو منفلتاً في مشاهد كثيرة، وكالعادة يمكن حذف الأغنية من دون أن تتأثر الأحداث، ويتغير العنوان ليصبح أكثر احتراماً!