لا يُعتبر السؤال الأهم اليوم ما إذا كان بالإمكان الوثوق بأن إيران تستطيع الالتزام بالصفقة النووية التي أفضت إليها المفاوضات في فيينا (لأنها لا تستطيع ذلك)، بل ما إذا كان بالإمكان الوثوق بأن إدارة أوباما وشركاءها في مجموعة (1+5) سيعقابون إيران حين تنتهك هذا الاتفاق؟

Ad

تُظهر التجارب السابقة أن الولايات المتحدة ومجموعة (1+5) ستميل إلى تجاهل أفعال إيران، ما لم تنتهك هذه الأخيرة الصفقة بشكل فاضح. على سبيل المثال، لم تُحاسب إيران على بيعها كمية من النفط أكبر مما حدده الاتفاق المؤقت، والأسوأ من ذلك أن طهران تخطت مراراً حدودها في الأوجه التقنية من الاتفاق، مثل تجاوزها سقف مخزونها من اليورانيوم من دون أن تواجه أي عقاب، فقد استثمرت إدارة أوباما والقوى الغربية الأخرى الكثير في جهودها الدبلوماسية في هذه العملية، مما يدفعها إلى إنكار حتى أن هذه الانتهاكات قد حدثت فعلاً.

ظهرت حديثاً أدلة إضافية على انتهاكات إيران، فقد نُشر أخيراً تقريران عن محاولات إيران الحصول سراً وبطريقة غير مشروعة على تكنولوجيا لبرنامجها النووي وبرنامج الصواريخ البالستية، وقد أظهر هذان التقريران أن عمليات الشراء الإيرانية هذه تتواصل بلا هوادة، هذا إن لم نقل بوتيرة أسرع مما كان سائداً قبل توقيع خطة العمل المشتركة في شهر نوفمبر عام 2013، لكن الخوف من إمكان إحراج المفاوضين وإخراج المفاوضات عن مسارها جعل بعض الدول تتردد في التحدث عن جهود طهران غير المشروعة، وإن ترددت هذه الدول في فضح إيران خلال المفاوضات، فمن المرجح أنها ستحجم عن ذلك بعد التوصل إلى الصفقة.

نشر التقريرَ الأول الشهر الماضي مجلس الخبراء في الأمم المتحدة المسؤول عن إعداد التقارير عن مدى الالتزام بقرارات مجلس الأمن في الأمم المتحدة في الشأن الإيراني، وأشار هذا المجلس إلى أن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لم تبلّغ عن أي انتهاكات كبيرة لعقوبات الأمم المتحدة، وخمّن الأسباب: إما لأن إيران تلتزم بالعقوبات أو لأن الدول لم ترغب في التدخل في المفاوضات.

أما التقرير الثاني، الذي نشرته وكالة الاستخبارات المحلية الألمانية قبل أيام، فأكثر وضوحاً، فقد أكدت لنا هذه الوكالة (المكتب الفدرالي لحماية الدستور) أن إيران تستمر في سعيها غير المشروع للحصول على التكنولوجيا لبرنامجها النووي أو برنامج الصواريخ البالستية.

تملك إيران تاريخاً طويلاً من محاولات الحصول على تكنولوجيا نووية من شركات ألمانية، باحثة خصوصاً عن طرق لنقل البضائع تتيح لها التحايل على العقوبات الدولية، فمنذ نوفمبر عام 2013، سعت طهران للحصول على كمبيوترات صناعية، وكاميرات عالية السرعة، وألياف أسلاك، ومضخات لبرنامجها النووي والصاروخي، ويبدو أن استعداد إيران للتفاوض لا يعكس أي تغيير في سياستها يدل على الخضوع والاستسلام. على العكس تشكل المفاوضات انسحاباً تكتيكياً دبلوماسياً قسرياً سببه الأزمة الاقتصادية، لا إعادة نظر استراتيجية في أولوياتها.

يجب أن يعزز خداع إيران تصميم المفاوضين الغربيين على فرض ضمانات قوية للحرص على التزام إيران بالاتفاق، فمن الضروري أن يرغموا إيران على الكشف عن نشاطاتها السابقة، بما فيها جهودها لشراء التكنولوجيا وغيرها مما بعد خطة العمل المشتركة، كذلك ينبغي أن يفرضوا عليها عمليات تفتيش جدية وشاملة لا تلتزم بجدول محدد قبل تعليق العقوبات، فكم بالأحرى رفعها؟

لكن النقص في التقارير إلى الأمم المتحدة، رغم الأدلة التي تكشف خداع إيران، يعكس غياب تصميم الدول الغربية واستعدادها للتغاضي عن كل الانتهاكات، باستثناء الفادح منها، لكن هذا لا يبشر بالخير في المستقبل، فإن ترددت القوى الغربية في معاقبة إيران على محاولاتها التهرب من العقوبات لأنها تخشى تقويض المفاوضات، فماذا سيحدث في المستقبل عندما تكون القوى الغربية قد استثمرت جهوداً أكبر في الحفاظ على هذا الاتفاق؟

إيمانويل أوتوليني Emanuele Ottolengh

بنيامين وينثال