مدينة المآذن التي لا حصر لها، ومدينة السلاطين الذين حكموا ثلث العالم لأكثر من 500 عام، وثاني أكبر مدن الكرة الأرضية بعدد سكان يتجاوز 18 مليون نسمة. قصورها كثيرة ولها تاريخ عريق وتصاميم هندسية تعكس جمال فنون العمارة التي تتمتع بها، وهي المدينة الوحيدة في العالم التي تمتد على قارتين، آسيا وأوروبا.
قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم "لتفتحن القسطنطينية فَلَنِعْمَ الأمير أميرها وَلَنِعْمَ الجيش هذا الجيش". حاول المسلمون فتحها 27 مرة ولم يستطيعوا، وفي المرة الـ28 نجحوا بقيادة السلطان العثماني محمد الفاتح الثاني في عام 1453م.إنها مدينة إسطنبول العريقة بكل معاني الكلمة، من يزورها يرى عظمتها وتاريخها وجمالها، ولا عجب أن ثلاث إمبراطوريات اتخذتها عاصمة لها منذ ما قبل الميلاد، يشطرها مضيق البوسفور الرائع إلى شطرين آسيوي وأوروبي، ويحيط بها بحران كبيران الأسود ومرمرة.ويقع بها "القرن الذهبي"، وبقربه يقع مسجد آيا صوفيا المشهور، الذي كان كاتدرائية مسيحية مدة 918 عاماً، ثم تحول إلى مسجد مدة 481 عاماً، ثم قررت الحكومة التركية عام 1935م تحويله إلى متحف مذهل يضم روائع من القطع التراثية والأدوات التاريخية والمخطوطات النادرة من التاريخ العثماني.ومن أمثلة القطع النادرة سيوف تعود إلى بعض الصحابة، رضي الله عنهم، مثل عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وجعفر الطيار، ويوجد أيضاً سيف للرسول صلى الله عليه وسلم، وشعيرات نبوية على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم.ويقع بقرب آيا صوفيا قصر "طوب قابي" (أو باب المدفع)، الذي يمتد على رقعة من الأرض مساحتها 700 ألف متر مربع، وهو القصر الذي بناه السلطان محمد الفاتح عام 1459م، وسكنه سلاطين بنو عثمان مدة 400 عام، وكان يعيش بداخله أكثر من 4000 شخص يعملون في خدمة وحماية السلاطين وعائلاتهم.ويوجد أيضاً في إسطنبول قصر "دولما باتشي"، الذي بدأ بناؤه عام 1853م، وانتقل إليه السلاطين بعد ذلك عام 1856م، وبلغت تكاليف بنائه خمسة ملايين ليرة عثمانية ذهبية (ما يعادل 35 طنا من الذهب اليوم)، وظلوا به حتى سقوط الدولة العثمانية عام 1923م، وتحول بعدها إلى مقر لحكم الزعيم التركي مصطفى كمال أتاتورك مؤسس تركيا الحديثة (1923-1938)، ثم أصبح متحفاً جميلاً يمتد على البوسفور 600 متر، ويضم في أنحائه أجمل النماذج الهندسية للعمارة العثمانية.ومن القصور الأخرى أيضاً قصر "بييلار بيي"، الذي بناه السلطان عبدالعزيز بين عامي 1861 و1865م، وتوفي فيه السلطان عبدالمجيد الثاني عام 1918م، بعد أن أمضى الأشهر الستة الأخيرة من حياته فيه، وهو قصر خاص للإقامة في فترات الراحة والاستجمام، ويقع على الجانب الآسيوي من مضيق البوسفور.وهناك قصر "كوجاك سو" البيزنطي في أصله وتاريخه، ولكن أعيد بناؤه عام 1857م بالشكل القائم حالياً، وأصبح مركزاً لبعض الضيوف والمناسبات الخاصة. وهناك قصر "يلدز" المتميز بعمارته المنمقة، وقصر "تكفور" الذي قضى فيه أحد السلاطين فترة طويلة من الإقامة الجبرية حتى وفاته، وقصور "أهلامور" الرائعة، وغيرها الكثير. نكتفي بهذا القدر في مقال اليوم، وإن شاء الله نتحدث في المقال المقبل عن مساجد إسطنبول ومكتباتها التاريخية.
أخر كلام
صورة لها تاريخ : «آيا صوفيا»... كاتدرائية 918 سنة ثم مسجد 481 سنة واليوم متحف
14-08-2015