مع اقتراب العد العكسي للانتخابات الحزبية الأولى التي سيجريها الحزب الجمهوري في ولايتي ايوا ونيوهامبشر، تمهيداً لاختيار مرشحه لسباق الرئاسة الأميركية، تتزايد المؤشرات عن بلوغ ضيق صدر طبقته السياسية حداً غير مسبوق من مرشحيه الذين يحتلون المراتب الأولى في استطلاعات الرأي.

Ad

وباتت الإعلانات التلفزيونية، التي تهاجم على الأقل المرشح الملياردير دونالد ترامب، أمراً مألوفاً. وتتصاعد حدة التحذيرات من أن يخسر الحزب السباق لمصلحة المرشحة الديمقراطية القوية هيلاري كلينتون، فيما لو فاز ترامب بأكثرية أصوات الجمهوريين.

استطلاعات الرأي والتحليلات التي تعقبها تشير بشكل واضح إلى أن ترامب والجراح المتقاعد بن كارسون يحصدان صدارة الترجيحات على قضايا تعكس قلق هذا الجمهور من أمور لا يمكن اعتبارها جوهرية، بينما «السياسة الحقيقية» تغيب عن اهتماماتهما، لا بل تعكس ضحالة ما بعدها ضحالة.

آخر استطلاع نظمته صحيفة «واشنطن بوست» مع محطة «اي بي سي»، كشف عن هوة كبيرة لدى ترامب وكارسون في أمور السياسة الداخلية، فضلاً عن ثقافتهما بالسياسة الخارجية.

فقضايا التمييز العنصري، والعلاقة مع المهاجرين، وحقوق المرأة واقتناء السلاح وحمله ليست أموراً هامشية، في مجتمع لايزال يعاني لتصحيح الاختلالات التي يعيشها في هذه القضايا.

وأظهر الاستطلاع أن 73 في المئة من الأميركيين السود لا يفضلون ترامب، و64 في المئة منهم يرفضونه كلياً.

كما أن 80 في المئة من ذوي الأصول اللاتينية لا يفضلونه، و67 في المئة يرفضونه كلياً، في حين أن 51 من البيض يرفضونه.

وفشل ترامب في تنظيم مؤتمر مع نحو 100 رجل دين أسود، للرد على الانتقادات التي وجهت إليه بعد طرده أحد الأميركيين السود من مهرجان انتخابي في ولاية الاباما هتف بشعار «حياة السود مهمة»، وانتهى إلى فشل ذريع.

ويناقش قادة الحزب الجمهوري حظوظ بن كارسون، في وقت تتراجع أرقام استطلاعاته بعد أدائه السيئ، وتصريحاته المثيرة للجدل في قضية المهاجرين واللاجئين وعلاقته بالمسلمين، وجهله بأمور السياسة الخارجية، ومحاولاته تطويع التاريخ لمصلحة روايات لا وجود لها. فقد تحدث عن القوات الصينية في سورية، واعتبر أن النبي يوسف هو من قام ببناء الأهرامات لتخزين القمح فيها!

يدرك قادة الحزب أن استمرار احتفاظ ترامب وكارسون بصدارة الترجيحات يعود إلى خطابهما الشعبوي الذي طالما حفلت به معارك الانتخابات الرئاسية، لكن أمام ضخامة التحدي خصوصاً في حلبة يتصارع فيها مع أوزان كبيرة كهيلاري كلينتون، فإن حظوظ الجمهوريين مع أغلبية الرأي العام الأميركي، حتى مع الجمهور الأكثر راديكالية في صفوفه وتقاليده الديمقراطية العريقة، تصبح المهمة شبه مستحيلة، إذا لم يتمكن الحزب من إيصال مرشح يتمتع بمواصفات الحد الأدنى، من أمثال السيناتور ماركو روبيو، أو الحاكم السابق جيب بوش.

وأعلن قادة الحزب أن الفرصة الأخيرة قد تتمثل في المناظرة المقبلة التي تنظمها محطة «سي إن إن» في 15 الجاري، علها تثمر انعطافة حقيقية في تقديم مرشح أقل إشكالية وأكثر خبرة، يكون قادراً على استقطاب الأقليات الكبرى من السود واللاتينيين وغيرهم، الذين لا يمكن احتلال كرسي الرئاسة الأميركية خريف 2016 من دون أصواتهم.