نجاح بنغلادش ضد الإرهاب

نشر في 15-07-2015
آخر تحديث 15-07-2015 | 00:01
 ريل كلير بذلت وزارة الخارجية الأميركية قصارى جهدها لتثني على حكومة بنغلادش لمحاربتها التطرف والإرهاب، ولا شك أنها تستحق هذا المديح.

يحفل هذا البلد بسكانه المئة والستين مليوناً بالتأثير الإرهابي، فيشير تقرير وزارة الخارجية السنوي بشأن الإرهاب: "استخدمت المنظمات الإرهابية وسائل التواصل الاجتماعي لتنشر العقيدة المتطرفة وتشجع المقاتلين الأجانب من بنغلادش"، فقد اعتبر زعيم القاعدة أيمن الظواهري ذات مرة بنغلادش أحد البلدان التي يسعى فيها تنظيم القاعدة لتعزيز نشاطه في شبه القارة الهندية.

جاء رد بنغلادش مناسباً، فاعتقلت الحكومة البنغلادشيين الذين عادوا إلى بلدهم من الخارج لمحاولتهم تجنيد المواطنين للانضمام إلى ما يُدعى الدولة الإسلامية (داعش)، ونتيجة لذلك أثنى رئيس الوزراء الهندي مارندرا مودي على جهود رئيسة الوزراء شيخة حسينة بصفتها قوة مذهلة في محاربة الإرهاب الإقليمي والعالمي، وذلك عندما زار بنغلادش في شهر يونيو.

تجري معارضة الإرهاب عميقاً في بنغلادش، والتي لطالما افتخرت بتقليدها العريق من التسامح العلماني، ويعود هذا في جزء منه إلى رد فعل هذا البلد تجاه تاريخه العنيف، ففي عام 1975 كانت حسينة زوجة وأماً في السابعة والعشرين من عمرها، وما كانت تأبه كثيراً للسياسة، حين اغتيل والدها رئيس الوزراء آنذاك الشيخ مجيب الرحمن مع 17 من أفراد عائلته والعاملين في منزله، ونجت حسينة وشقيقتها لأنهما كانتا خارج البلد في مهمة نوايا حسنة إلى ألمانيا.

ألهمت هذه المأساة حسينة لإنشاء دولة بنغلادشية ديمقراطية حيوية، وقد قاد هذا إلى محاربة الإرهاب المحلي والخارجي، فاحتلت حسينة منصب رئيس الوزراء في بنغلادش بين عامَي 1996 و2001، ثم عادت إلى هذا المنصب منذ عام 2009، ونتيجة لذلك اضطرت إلى التعاطي شخصياً مع التطرف، وقد نجت رئيسة الوزراء هذه من 19 محاولة اغتيال، شملت إحداها اعتداء بقنابل يدوية عام 2005 أودى بحياة 24 شخصاً وجرح 500 آخرين. كذلك سجنها أعداؤها السياسيون ونفوها مرتين.

نتج عن كل هذا اليوم غياب أي تسامح في التعامل مع المتطرفين، فتعمل بنغلادش اليوم مع حلفائها لتمنع سقوط هذا البلد تحت تأثير الإرهابيين، واعتقلت الشرطة البنغلادشية مراراً الأسلحة غير المشروعة وأوقفت مؤامرات الإرهابيين قبل تنفيذها. على سبيل المثال اعتقلت الشرطة في بنغلادش ساميون رحمن لمحاولته المزعومة تجنيد المقاتلين لـ"داعش" و"جبهة النصرة" على حد سواء، علماً أن وزارة الخارجية الأميركية أشادت بهذه الخطوة بالتحديد.

بالإضافة إلى ذلك أشادت وزارة الخارجية الأميركية أخيراً ببنغلادش نظراً لـ"التزامها بمواجهة المجموعات الإرهابية المحلية والدولية". فقد أعربت وزارة الخارجية في بنغلادش عن "إرادة سياسية والتزام صارم" بمحاربة المجموعات الإرهابية، وصعّبت على الإرهابيين إنشاء ملجأ آمن.

وعززت بنغلادش معركتها ضد الإرهاب بإعادة فتح محاكم جرائم الحرب التي تستهدف مسؤولين رفيعي الشأن تعاونوا مع الجيش الباكستاني خلال حرب الاستقلال عام 1971، فخلال تلك الحرب الأهلية، ذُبح نحو 3 ملايين بنغلادشي في ما يُعتبر اليوم عموماً إبادة جماعية، والكثير من مجرمي الحرب المتهمين هم أيضاً معارضون سياسيون للحكومة الحالية، فقد جنّد الحزب القومي البنغلادشي، الحزب المعارض الأكبر في البلد، عناصر متطرفة من الجماعة الإسلامية، ومجموعة حليفة، لافتعال حرائق وأعمال قتل كأدوات لإحداث شغب محلي. نتيجة لذلك، مات المئات خلال حملة من الإرهاب المحلي دامت سنتين.

وواصلت الحكومة فرض حكم القانون والقواعد المرعية الإجراء، واستمرت محاكم جرائم الحرب، مع أن معارضتها اشتدت وأصبحت أكثر عنفاً، ولا عجب أن مجلة فوربس أدرجت هذه السنة رئيسة الوزراء حسينة بين رئيسات الدول العشرين الأكثر نفوذاً في العالم إلى جانب قائدات ألمانيا، والبرازيل، وكوريا الجنوبية.

وتسعى حسينة وحكومتها كل يوم لقمع الإرهابيين المحليين، منقذة بالتالي حياة كثيرين، وتشكل جهودها جزءاً لا يتجزأ من الحرب الدولية ضد الإرهاب وتستحق بالتأكيد المديح الذي تتلقاه.

* تحسين علي

back to top