«الشباك الواحد» خطوة متقدمة مازالت حلماً بعيد المنال عن وزارة التجارة

نشر في 27-12-2015
آخر تحديث 27-12-2015 | 00:03
No Image Caption
أكثر من 5 سنوات ولا وجود فعليا له إلى الآن رغم تعاقب الوزراء
من الواجب على الحكومة أن تعمل على تطوير آليات المراجعات الحكومية المتعلقة بالشركات وتسريع وتوحيد الإجراءات في ما بين جهاتها المختلفة، لكن يجب أن تبتعد عن التصريحات المتعلقة بها إلى حين تطبيقها فعلاً، فالتجارب السابقة سلبية.

خلال السنتين أو الثلاث الماضية زاد استخدام مصطلح «الشباك الواحد» كخطوة متقدمة تنوي الوزارات تطبيقها، وعلى رأسها وزارة التجارة والصناعة وغيرها من الجهات الحكومية، من أجل تيسير وتسريع الإجراءات الروتينية والدورة المستندية الكبيرة التي تتطلبها هذه الجهات لإتمام أي معاملة حكومية، وظهرت العديد من الاتفاقيات الثنائية وغيرها ما بين هذه الجهات الحكومية، فقط من أجل توحيد إجراءات تراخيص الشركات وإنهاء النظام الحالي لها والذي يستغرق عدة أشهر.

وعندما نراجع تصريحات آخر أربع أو خمس سنوات لوزراء «التجارة» نرى أنهم وضعوا في برنامجهم العملي إنهاء موضوع «الشباك الواحد» كقضية رئيسية في تطوير العمل في وزارتهم، حيث أعلنت الوزيرة السابقة لـ«التجارة» أماني بورسلي في شهر سبتمبر عام 2011 «أن لجنة الخدمات في مجلس الوزراء وافقت على مقترح مشروع الشباك الواحد، بهدف التسهيل على الصناعيين عند مراجعتهم الهيئة.

وقالت بورسلي وقتها، إن هذا المشروع سيسهم بشكل كبير في تقليص الدورة المستندية، وتقصير فترة إنجاز المعاملات»، بينما كشف وزير التجارة والصناعة آنذاك أنس الصالح «وجود تنسيق مشترك بينه وبين  البلدية لعملية ربط الاجراءات إدارياً بين الوزارتين من خلال «الشباك الواحد» للتسهيل على المراجعين، متوقعاً حدوث نقلة نوعية في العمل خلال الأسابيع المقبلة وسيتم البدء في القطاع التجاري».

أما الوزير الحالي يوسف العلي، فقد صرح «بأن هناك توجهاً لتذليل تلك العوائق، مبيناً أن السبب يرجع إلى وجود اختصاصات قانونية وهذه الاختصاصات يجب أن يتم ترتيبها بشكل صحيح ودراستها من جميع الأطراف المشتركة، مشيراً إلى أنها ليست عوائق بقدر ما هي طرح جديد وفكرة جديدة لاسيما أن الشباك الواحد يشمل 3 جهات هي وزارة التجارة والصندوق الوطني للمشروعات الصغيرة، وهيئة الاستثمار الأجنبي المباشر بحيث ستكون جميعها في مكان واحد ولابد من تداول فكرة تنظيم العمل قانونياً وبشكل صحيح».

حتى الإتفاقية التي تمّت بين «التجارة» والصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة مع 9 جهات حكومية، التي تضمنت  تقديم الخدمات وتسهيل الإجراءات للصندوق والمشروعات المستفيدة منه لم تنجح حتى الآن، حتى اضطر الصندوق إلى أن يقوم خلال الأيام السابقة بالاتفاق مع ذات الجهات، لينوب عن المبادر صاحب المشروع نفسه، للقيام بكل المراجعات والمعاملات الحكومية مع نفس الجهات لتيسير العمل، انتظاراً لما ستسفر عنه الاتفاقية سابقة الذكر!

استمرار التصريحات

إذاً، 3 وزراء لنفس الوزارة لا يستطيعون عمل تغيير ولو كان بسيطا في عملية تسهيل الإجراءات والمعاملات اللازمة لاستخراج تراخيص الشركات الجديدة أو حتى أي إجراء متعلق بها، فلماذا الاستمرار بالتصريح حول الأمر نفسه طوال سنوات؟

ثم لماذا أساساً يستمر مسلسل تجاهل الوصول إلى صيغة وآلية نهائية تعمل من خلالها جميع الجهات الحكومية، من أجل تسهيل الإجراءات فيما بينها؟ لماذا تفشل جميع المحاولات المعنية بهذا الغرض؟ ولماذا تريد كل جهة من الجهات المعنية «الاستفراد» و«فرض وجودها» في عملية تسهيل الإجراءات؟.

مثال ناجح... ولكن

حتى لو رجعنا إلى الإتفاقية الوحيدة الناجحة في ذات الإطار، وهي مذكرة التفاهم بين وزارة التجارة والصناعة وهيئة أسواق المال، لرأينا أنها تعرقلت أكثر من مرة، وحتى الآن تجتمع الجهتان الحكوميتان بين فترة وأخرى لتغيير أو تعديل بعض البنود الواردة في هذه المذكرة.

تطوير شامل

والسؤال المطروح هنا أيضاً، لماذا لا يتم الاستعجال في هذا الملف ليكون خطوة أولى في عملية تطوير شاملة للإجراءات الحكومية المختصة في بيئة الأعمال؟ ولماذا يحتاج أي مستثمر إلى أكثر من 2-3 أشهر للانتهاء فقط من استخراج ترخيص للشركة الجديدة، إن لم تستغرق مدة أكبر!

ويقول مراقبون، إن غياب التنسيق في ما بين الجهات الحكومية في هذا الشأن هو السبب الرئيسي في التأخر في تصحيح الأمور، ولنا في مذكرة التفاهم بين «التجارة»، و»هيئة السوق»، أو بين «بنك الكويت المركزي»، و«هيئة السوق» خير مثال، فعندما تواجدت النية الجادة لدى «هيئة السوق» لتفادي مشاكل «ازدواجية» الإجراءات بادرت بالاجتماع مع «المركزي» و«التجارة» لوضع مذكرة تفاهم تتحدد من خلالها الصلاحيات الخاصة لكل طرف فيما بينهما، حتى وإن اشتملت على بعض البنود التي لم تثبت نجاحها في التطبيق لكنها تحركت على الأقل، بينما لا نجد هذا الأمر موجوداً لدى بقية الجهات الحكومية الأخرى رغم إدراكهم لأهمية التوفيق بين الإجراءات وتقليص الدورة المستندية الحالية لأقل مستوى ممكن!

لجنة قانونية شاملة

ويؤكد مراقبون أن الحكومة مطالبة بتشكيل لجنة قانونية من قبل جميع الجهات الحكومية المعنية بعمل الشركات، سواء أكانت «التجارة»، أو «البلدية»، أو «الشؤون»، أو «هيئة السوق»، أو غيرها، للخروج بصيغة قانونية توافقية معينة، تكون «الأساس» لعملية تقليص وتوحيد الإجراءات والدورة المستندية الطويلة جداً التي جعلت من الكويت في المركز الأخير خليجياً وفي المرتبة 8 عربياً في ممارسة أنشطة الأعمال حسب مؤشر ممارسة أنشطة الأعمال الأخير الذي أصدره البنك الدولي، الذي يعتمد على 10 مؤشرات رئيسية في ممارسة الأعمال، وهي بدء النشاط التجاري، استخراج تراخيص البناء، الحصول على الكهرباء، تسجيل الملكية، الحصول على الائتمان، حماية المستثمرين الأقلية، دفع الضرائب، التجارة عبر الحدود، إنفاذ العقود، تسوية حالات الإعسار.

أمثلة ناجحة

هناك تحركات حكومية جيدة تستحق الإشادة مثل إنشاء هيئة الاستثمار المباشر والتي ساهمت بجذب 3 مستثمرين عالميين حتى الآن على وزن «هواوي» الصينية «آي بي أم» و«جنرال إليكتريك» الأميركيتيين، والسعي إلى إقرار قوانين «الإعسار» و«السندات والصكوك» وغيرها من المساعي الجادة لتطوير البيئة التشريعية الاقتصادية، لذلك يجب أن تتماشى معها رؤية وعمل الجهات الحكومية المعنية بهذه البيئة، وتقوم بدورها في تنشيط وتطوير آلية الإجراءات التابعة لها وتقليص المدة الزمنية اللازمة لإجراء معاملة ما، لا أن تكتفي بالمشاهدة ومحاولة عرقلة هذه الجهود عند طلب العون! أو على الأقل، الابتعاد ونهائياً عن إطلاق مثل هذه التصريحات، كونها حلم بعيد المنال، وعملية ربما تكون أصعب من قدراتهم وطاقاتهم الحالية.

back to top