قهوة الوزير الخالد... و«هوشة» حولي!
بحت الأصوات منذ زمن في الكويت وهي تنبه على مخاطر غياب رجل الشرطة والدورية الفاعلة في الشارع الكويتي والمجمعات التجارية والأماكن الحساسة في البلد، إلى أن شهدنا "هوشة"- مشاجرة- على بعد أمتار من مركز مبنى محافظة حولي، وفي شارع رئيس تستمر نحو الساعة، ويتدفق طرفاها إلى مكان الاشتباك دون أن تصل قوة شرطية رادعة تفصل بينهما وتمنع تمادي المشاجرة، إلى أن قتل وافد من الجنسية المصرية، ووقعت إصابات بليغة لزملائه.غياب دوريات الشرطة الآلية والراجلة مرض مزمن في الكويت، والدول تسقط هيبتها عندما يغيب الانضباط في الشارع، ويصبح وجود رجل الأمن نادراً أو بلا فاعلية، أو موسمياً لحماية مسؤول في منطقة ما أو لـ"شو" إعلامي، ولذلك، فإن مدينة الكويت وضواحيها الرئيسية مثل حولي والسالمية والفروانية في معظم أوقات اليوم هي مناطق "فالتة".
ولذلك يرجو العديد من أهل "الديرة" من معالي وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد أن يختار يوماً ما ليشرب قهوته صباحاً متخفياً مثلاً في سوق شرق، وبعد ذلك يخرج عند العاشرة صباحاً ليرى ما يحدث في عاصمة الدولة من فوضى، لينطلق إلى المستشفى الرئيسي في العاصمة– الأميري- ليرى الفوضى المرورية من حوله، بعد أن تسجل الدوريات المرورية حضورها في الصباح الباكر ثم ترحل عند التاسعة أو العاشرة صباحاً تاركة "القرعة ترعى" في شوارع مدينة الكويت. وليكمل معالي الوزير جولته ليرى الفوضى حول وزارة التعليم العالي ومركز طب الأسنان حتى امتداد شارع أحمد الجابر ومبنى البورصة، وليرى كرنفال الفوضى الأكبر حول قصر العدل ومبنى المحكمة الدستورية الجديد، والسيارات التي تغلق تقريباً جميع الشوارع الفرعية بجانب بلدية الكويت وعمارة السعدون... إلخ، إنها فوضى أصبحت معتادة من سلوك السائقين بسبب غياب رجل الأمن والمرور، وربما تكون هناك دورية مختفية في أحد أركان الشوارع، وجميع نوافذها مغلقة والتكييف يعمل وقائدها لديه مهمة ما مع هاتفه الذكي لا تنتهي!لا يمكن أن نتصور أن بلداً مثل الكويت بإمكاناته المادية وميزانية قواته الأمنية ورواتبهم العالية، تقع فيه مشاجرة مدة خمسين دقيقة على بعد أمتار من مبنى محافظة حولي! في محافظة لديها اعتبارات أمنية لوجود كثافة عالية من الوافدين تتطلب وجود قوة أمنية رادعة وسريعة. وأتصور أنه لو قامت عمليات شغب في منطقة حولي فإن وزارة الداخلية لن تتمكن من إيجاد قوة رادعة قبل ساعات، وربما بعد احتلال مبنى المحافظة!مشكلتنا مع وجود الدورية الأمنية في الشارع الكويتي التجاري والسكني والصناعي، ووجود رجل الأمن الفاعل مع الحدث من حوله وليس الموجود داخل دوريته مع هاتفه، هي مشكلة صعبة. وأتذكر أنني منذ فترة كنت في إحدى المدن الأوروبية عندما قام شاب مخمور بدفع بائع زهور في الشارع وتسبب ذلك في تجمع بعض الشبان في المكان، لأجد بعد أقل من دقيقتين ستة رجال شرطة بكامل تجهيزاتهم وبمقاييس جسمانية متميزة بعصي كهربائية ورشاشات رذاذ الفلفل ليفكوا التجمع وينهوا الحدث خلال دقائق في شارع فرعي به فقط بعض المقاهي، وليس شارعاً رئيسياً.لذا فإننا نرجو أن تكون هناك خطة شاملة من وزير الداخلية لإعادة أسس وطرق عمل جهاز الشرطة وأفراده وانتشارهم في البلد، وإذا كانت ظروف الجهاز وإمكاناته لا تسمح، فما المانع من الاستعانة بـ"الحرس الوطني" أو التعاون معه في بعض المجالات كما يحدث في العديد من الدول؟، المهم ألا يستمر الوضع الحالي من غياب دوريات الشرطة ورجل الأمن أو ندرة وجوده في الشارع الكويتي الذي ينقصه الانضباط العام، ويتسبب ذلك في تفاقم الجرائم.