نجاح المواجهة العربية الإسرائيلية مرهون بيد الشعب الفلسطيني، وصرخات «الله أكبر» التي يطلقها هذا الشعب المظلوم ليس لها مكان عند العرب الذين انشغل ساستهم بالتطبيل للحروب العربية، وأصبح وأمسى جل همهم الاقتتال فيما بينهم، أما شيوخ الفتنة الذين ملؤوا الدنيا بفتاواهم فاكتفوا بالدعاء بعد أن نزعوا ثوب الحياء.
المواجهات الأخيرة للمواطن الفلسطيني الشريف عرَّت أصحاب دعوات النفير، وكشفت عوراتهم التي ابتلينا بالنظر إليها منذ اندلاع الربيع، كيف لا وقد وقف الشيوخ والشباب والأطفال بكل إيمان بقضيتهم العادلة أمام القبة الإسرائيلية بكل جبروتها وطغيانها وسلاحهم سكين وحجارة؟قبل أكثر من سنة كتبت مقالاً تحت عنوان "غزة لا تريدكم "مستشهداً بقوله تعالى "لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالاً وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ" (سورة التوبة، الآية 47). هذا الوصف الرباني ينطبق على العرب والمسلمين في زمننا هذا؛ لذا قلت رأيي بكل وضوح بأن الأحمال الثقيلة لا يقوم بها إلا أهلها، والفلسطيني الحر يعرف أنه هو فقط المنوط بحمله.الفتاوى والإعلام العربي يعتبران أكبر مثبط للفلسطينيين، فقد استطاعا بقدرة عجيبة تحويل عملياتهم الاستشهادية في المحتل إلى عمليات انتحارية دون خجل أو حياء.نجاح المواجهة العربية الإسرائيلية مرهون بيد الشعب الفلسطيني، فهو المعني به دون غيره، فالساسة انشغلوا بالتطبيل للحروب العربية العربية، وشيوخ الفتنة الذين ملؤوا الدنيا بفتاواهم اكتفوا بالدعاء بعد أن نزعوا ثوب الحياء، هذا إن وجدت عندهم ذرة منه.صرخات "الله أكبر" التي يطلقها هذا الشعب المظلوم ليس لها مكان عند العرب الذين أصبح وأمسى جل همهم الاقتتال فيما بينهم لإظهار بطولاتهم، هذا إن لم تكن البطولات بأوامر قيادات إسرائيل نفسها.صور الشموخ والبطولة تجلت في أبهى صورها على يد أحد الأطفال في مشهد لا يمكن لكل كاميرات العالم أن تختزله عندما وقف أمام جنود الاحتلال وليس بيده سوى حجارة، وعندما نفدت منه لم يحاول الهرب، بل وقف كالجبل غير مكترث لا بسلاحهم ولا عددهم، فقد تعدى هذا الطفل كل عوالم الخوف مقترباً إليهم أكثر وأكثر لينظر في وجوههم، ويا ليته لم يفعل كي لا يكشف زيف شجاعتنا ولا لؤم مواقفنا.رحم الله أيام زمان، فرغم خيانات التنازل التي قدمها زعماء العرب على طبق من ذهب للكيان الإسرائيلي، فإن الشعوب في ذلك الوقت على الأقل كانت حية، أما اليوم فلم يعد فيها لا شرف ولا نخوة.ما يحزن أن هذا الجسم السرطاني يعيش أجمل أيامه بعد انشغل المسلمون والعرب بالاقتتال فيما بينهم، فلا تكاد نار للحرب تنطفئ إلا وهناك أخرى، والأكثر مرارة من هذه الحال غسيل العقول الذي وصل إلى الفلسطيني نفسه، حيث انحرف عن مواجهة العدو إلى لبس الثوب الناسف ليفجر بالآمنين من أبناء جنسه ليدخل جهنم من أوسع أبوابها.ودمتم سالمين.
مقالات
فلسطين بلا أنصار
23-10-2015