القضاة في اجتماعهم الطارئ: مشروع الحكومة يكرس بشكل فاضح هيمنة السلطة التنفيذية على القضاء
170 قاضياً ومستشاراً رفضوا «مشروع الصانع» بشأن استقلال السلطة القضائية
رفض 170 قاضياً ومستشاراً أمس مشروع الحكومة بشأن قانون القضاء واعتبروه مكرِّساً لهيمنة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية.
حسم قضاة ومستشارو السلطة القضائية أمس أمرهم برفض مشروع الحكومة المقدم الى مجلس الأمة تماما، لكونه يكرس بشكل فاضح هيمنة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية، وتضمن المشروع الذي أعدته الحكومة عبر وزير العدل وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية يعقوب الصانع مواد تنسف القلة الباقية من الاستقلال الإداري للسلطة القضائية.وأكد القضاة والمستشارون في اجتماعهم الطارئ الذي حضره ما يزيد على 170 قاضيا ومستشارا، وحضر جانبا منه رئيس مجلس القضاء الأعلى بالإنابة المستشار يوسف المطاوعة أن المتأمل لنصوص مشروع الحكومة المقدم إلى مجلس الأمة يصل إلى نتيجة مفادها أن السلطة التنفيذية لا تؤمن باستقلال السلطة القضائية، وتعتبرها أحد المرافق الملحقة بها.وأوضح القضاة أن إقرار مشروع القانون المقدم من السلطة التنفيذية لا يمثل طموح رجال القضاء وتطلعاتهم، وسوف يفتح للقضاة باب الطعن عليه امام المحكمة الدستورية لمخالفته الدستور.وكشفوا في اجتماعهم عن سحبهم الشكاوى المقدمة منهم وإيقاف تنفيذ الأحكام التي حصلوا عليها بتنفيذ الأحكام القضائية، وذلك تجاوبا مع المساعي الحميدة التي قام بها رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، وبتوجيهات سامية من سمو الأمير.كما قرر القضاة في اجتماعهم، أمس، تشكيل لجنة من خمسة مستشارين للمشاركة في المفاوضات مع السلطتين التشريعية والتنفيذية، وطالبوا بعدم الاستعجال في إقرار قانون السلطة القضائية، والعمل على إصدار قانون يلبي كافة مطالب اعضاء السلطة القضائية وعدم الموافقة على مشروع الحكومة الذي نعتبره «ردة تشريعية».وفي ما يلي نص البيان الذي أصدره اجتماع القضاة الطارئ أمس:«في يوم 5 رمضان 1436 هـ الموافق 22/ 6/ 2015 اجتمع رجال القضاء في مسرح قصر العدل لمناقشة مشروع القانون المقدم من وزير العدل بتعديل المرسوم بالقانون رقم 23 لسنة 1990 في شأن تنظيم القضاء، وقرروا في ختام اللقاء إصدار هذا البيان:إن استقلال القضاء يعد من أهم أركان العدالة، ويؤدي بالقطع إلى نيل ثقة المجتمع، وبالتالي الى زيادة الثقة بالدولة ودورها المنشود في إحقاق الحق، ومما لا شك فيه أن القاضي يعد بمنزلة القطب من الرحى بالنسبة إلى العدالة، لذلك سعت التشريعات الحديثة الى توفير المزيد من الضمانات لاستقلال القضاء وتوفير سبل العيش الكريم لرجاله.لقد تعرض القضاء الكويتي لهجمة وتشويه للسمعة خلال الفترة الماضية لم يطلها في تاريخه، إلا أنه ومع ذك صمد رجال القضاء في وجه تلك الهجمة الشرسة ونأى القضاء بنفسه عن الدخول في التجاذبات، ووقف شامخا مؤديا واجباته الرسالية، باعتبار أنه مكمن الأمن وحصن الدولة الحصين الذي يلجأ اليه كل طالب للحق.وإيمانا من المجتمعين بأن استمرار المحافظة على نزاهة القضاء وهيبته يكمن في تعديل القوانين المنظمة لشؤونه، وأهمها المرسوم بالقانون رقم 23 لسنة 1990 في شأن تنظيم القضاء، بأن يرتكز التعديل على ثلاث مسائل أساسية هي:إصلاح البناء الداخلي للسلطة القضائية، الاستقلال المالي والإداري للسلطة القضائية، التأمينات المالية والاجتماعية الخاصة برجال القضاء.وقد نازعت السلطة التنفيذية السلطة القضائية في إقرار تلك المبادئ، ووضعت أمامها في مجالات عديدة الموانع والعراقيل لمنع تحقيقها، مما اضطر عددا من رجال القضاء الى رفع عدد من القضايا، سعيا للحصول على تلك الحقوق، وقد باشر رجال القضاء تنفيذ الأحكام، إلا أنه بعد تولي وزير العدل الحالي حقيبة الوزارة، وأمام تعهده بالمضي الى الاستقلال المالي والإداري عبر قانون يتم التوافق عليه بين السلطات الثلاث، فإن رجال القضاء المقضي لهم أوقفوا جميع الإجراءات اللازمة لتنفيذ الحكم. وتم إعداد مشروع قانون للسلطة القضائية من بعض رجال القضاء، وتم عرضه على المجلس الأعلى للقضاء، يتضمن تنظيم القضاء تنظيما حديثا يواكب التطورات الحالية للدولة، ويضع الحلول للمشكلات التي تواجهه، كما نظم مخاصمة القضاء، ووضع أسسا يستطيع من خلالها المتضرر اقتضاء حقه في حالات يحددها القانون.كما نص المشروع على استقلال إداري ومالي للقضاء، حسبما نص عليه الدستور، وأعطى للسلطتين التنفيذية والتشريعية الحق في مشاركة السلطة القضائية في بعض المواضع من القانون، ومنها على سبيل المثال إقرار ميزانية السلطة القضائية بالتوافق بين السلطات الثلاث، وهي إحدى مظاهر التعاون بين السلطات التي نص عليها الدستور.وأمام مشروع القانون المتكامل الذي أعده رجال القضاء، وضعت السلطة التنفيذية مشروعا بقانون بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم القضاء يكرس بشكل فاضح هيمنة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية، وضمنته مواد تنسف القلة الباقية من الاستقلال الإداري للسلطة القضائية في قانون تنظيم القضاء الحالي، وجعلت من وزير العدل هو المسيطر على مقاليد الأمور الإدارية والمالية، وهمشت دور المجلس الأعلى للقضاء الممثل للسلطة القضائية.إن المتأمل لنصوص ذلك المشروع يصل الى نتيجة مفادها أن السلطة التنفيذية لا تؤمن باستقلال السلطة القضائية، وتعتبرها أحد المرافق الملحقة لها.إن إقرار مشروع القانون المقدم من السلطة التفنيذية لا يمثل طموح رجال القضاء وتطلعاتهم، وسيفتح الباب للطعن فيه أمام المحكمة الدستورية.وتجاوبا مع المساعي الحميدة التي قام بها رئيس مجلس الأمة، وبتوجيهات سامية من صاحب السمو أمير البلاد، حفظه الله ورعاه، في تقريب وجهات النظر حول مشروع قانون السلطة القضائية، ورغبة منا في إحياء نقاش علمي موضوعي ومحايد، بعيدا عن وسائل الضغط والتأثير في هذا الاتجاه أو ذاك، فإننا نعلن سحب الشكوى المقدمة ضد الوكيلين، وذلك على خلفية إيقاف إجراءات تنفيذ الأحكام الصادرة لمصلحة بعض رجال القضاء».المطاوعة: علينا التهدئة لإقرار المشروعأكد رئيس مجلس القضاء بالإنابة نائب رئيس محكمة التمييز رئيس المحكمة الدستورية المستشار يوسف المطاوعة، في كلمته التي ألقاها أمس في اجتماع القضاة، ضرورة التهدئة من جانب القضاة لإقرار المشروع، لافتاً إلى أن هناك مساعي مع الحكومة لتعديل قانون السلطة القضائية، وبعد انتهاء كلمته غادر المطاوعة الاجتماع القضائي.حمامة سلامقال أحد الحضور من القضاة إن وزير العدل وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية يعقوب الصانع صرح لإحدى الصحف بأن مجلس القضاء سيكون «حمامة سلام» بين الحكومة والقضاة، ونقول له إن القضاة سيشكلون وفداً يمثلهم لتحديد مطالبهم والوصول إلى مشروع يلبي استقلال القضاء.