إن كان الصراع والتنافس محمودا في العديد من المجالات فإنه بالتأكيد ليس محمودا في قطاع النفط مرتكز الحياة المالية والاقنصادية، والدخل الرئيسي والوحيد للدولة، وأي صراع في هذا القطاع أو السيطرة عليه من أحد مكونات المجتمع سيؤدي بالضرورة إلى تأثيرات سلبية في الحياة الاقتصادية في الدولة.

Ad

لسنا بدعاً من الدول، ففي كل بلاد الدنيا هناك صراع مصالح بين مكونات المجتمع، اجتماعية كانت أم سياسية، عنصرية أم طائفية، دينية أم فئوية حزبية، وغير ذلك من المسميات، ولعل أكثر تلك المصالح بروزاً وقوة هي المصالح الاقتصادية، فمن يملك القوة المالية هو من يتحكم في اتخاذ القرارات وسن القوانين واللوائح، ولعله من المنطقي أن كل مسؤول أو قيادي تسند إليه مسؤولية تولي وزارة أو هيئة أو مؤسسة يسعى بكل جهده إلى أن يحيط نفسه بالمؤيدين والأتباع والداعمين لتوجهاته، ولا يمكن أن يحدث العكس، وإن حدث فمعنى ذلك تراجع العمل في تلك الوزارة أو المؤسسة، والتأثير سلبا على سير العمل فيها، وهنا يأتي التساؤل المر: من يتقدم أولا دعم المسؤول وتوجهاته أم الكفاءة والمقدرة؟

في الكويت نرى الصراع بين مكونات المجتمع على أشده، سواء القبلية أو الفئوية أو العنصرية أو الطائفية أو الدينية بكل تقسيماتها، وهذه طبيعة المجتمع الكويتي سواء في الماضي أو الحاضر أو المستقبل مهما حاولنا تجميلها بلوحة الوحدة الوطنية أو مجتمع الأسرة الواحدة أو غير ذلك من الشعارات الجميلة، وهناك سمات ومزايا للمجتمع الكويتي منها الطابع السلمي، وتداخل المصالح وتكاملها، والاتفاق على تقاسم مناطق النفوذ، ولعل أسمى مزاياه اتفاقه وتلاحمه في حالة تعرضه لخطر خارجي، وقد اتضح ذلك في الكثير من المخاطر التي تعرض لها الوطن على مدى التاريخ، ولسنا بعيدين من حادث الغزو الغادر في الثاني من أغسطس عام 1990.

 وفي اعتقادي أنه إن كان هذا الصراع والتنافس محمودا في العديد من المجالات فإنه بالتأكيد ليس محمودا في قطاع النفط مرتكز الحياة المالية والاقنصادية، والدخل الرئيسي والوحيد للدولة، وأي صراع في هذا القطاع أو السيطرة عليه من أحد مكونات المجتمع سيؤدي بالضرورة إلى تأثيرات سلبية في الحياة الاقتصادية في الدولة.

من باب الذكر فقط أنه أثناء رئاستي للبعثة الدبلوماسية في مملكة هولندا الصديقة تلقيت دعوة كريمة من المدير العام لشركة "شل" وهو من الجنسية البريطانية، فهنا الكفاءة والمقدرة هي المقياس بعيدا عن الانتماء أو الجنسية، وتعتبر شركة "شل" ومقرها مدينة لاهاي ثاني أكبر شركة طاقة في العالم، وقد بلغت عائداتها عام 2010  نحو 368 مليار دولار بعدد موظفين يفوق المئة ألف، وقد حققت أرباحاً بقيمة 30 مليارا بربحية للسهم تعادل 90 في المئة من قيمته.

ولسنا هنا في مجال المقارنة بين شركة خاصة وبين القطاع النفطي الكويتي الحكومي الذي يرأسه وزير عضو في مجلس الوزراء، ويعاني كل السلبيات التي تعانيها الدولة وصراع المصالح بين مكونات المجتمع، وهناك حقيقة واضحة أن هذه النعمة التي جاد بها علينا رب العالمين هي ملك لكل الشعب الكويتي بكل فئاته، وليست حكرا على فئة بذاتها.

 حفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.