ترامب وكلينتون ومحافظو الجمهوريين ضد فيورينا
يمكن وصف حالة الحزب الجمهوري هذه الأيام بـ«الذهول» جراء الإرباك الذي يسببه المرشح الرئاسي دونالد ترامب لقواعد الحزب ومخططيه.ورغم محاولات بعض مخططي الحزب لإغراق حملة ترامب، فإن الاستطلاعات تشير إلى احتفاظه بتقدم لا يُستهان به عن أقرب منافسيه الجمهوريين، الذين يتبادلون تغيير المراكز من دون المساس بموقعه.
حتى الفارق بين المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون وترامب تقلص إلى أربع نقاط في آخر استطلاع للرأي، الأمر الذي يؤهله ليكون نداً عنيداً لكلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي.عملياً، يمكن القول، إن الحزب الجمهوري لن يتبنى بعد اليوم ترامب، رغم عدم صدور إعلان رسمي بذلك. غير أن تولي منافسيه نفي «جمهوريته» يقدم دليلاً واضحاً على استبعاده من صفوف الحزب، من دون قطع «شعرة معاوية» معه، خوفاً من مفاجآت اللحظة الأخيرة، إن لم يتمكن أي منافس جمهوري من هزيمته.وأكثر ما يعبر عن حرج الموقف، الذي يجد الحزب الجمهوري نفسه فيه، هو موقع المرشح جيب بوش المتقهقر في كثير من الولايات الجمهورية التقليدية، وعجزه عن رد الهجمات التي يتلقاها من يمين الحزب ويساره.ترامب وصفه بـ«الغريق في بحيرة وينيبيسوكي» القريبة من إحدى المدارس في مدينة ديري بولاية نيو هامبشر، حيث أقام بوش مهرجاناً انتخابياً لم يتجاوز الحضور فيه الـ150 شخصاً، في حين امتلأت قاعة مدرسة أخرى ومداخلها حين خاطب فيها ترامب جمهور المدينة نفسها.وتابع ترامب هجومه على بوش، قائلاً، إنه يفتقد الشرارة والحماسة التي يتطلبها شغل موقع الرئاسة، لافتاً إلى أن جمهور المدرسة غط في النوم مللاً منه. هجوم ترامب الحاد على بوش أيقظ بقية المرشحين الجمهوريين الذين شنّوا هجوماً جماعياً عليه.اتهاماتهم توحدت بأنه ليس جمهورياً خالصاً بل ديمقراطياً انشق أخيراً، ليلتحق بقطار الجمهوريين الذي اكتسح في السنوات الأخيرة مقاعد مجلسي النواب والشيوخ، على أمل الفوز بأرفع منصب في الولايات المتحدة.بعض مخططي الحزب نصحوا بتغيير الرهان من الأسماء الكبرى إلى المغمورة، أمثال كارلي فيورينا المديرة التنفيذية السابقة في شركة هيوليت باكارد، وتأهيلها لتكون نداً ليس لترامب فقط بل ولهيلاري كلينتون.ولما كانت حظوظ صنع «تاريخ جديد» في الولايات المتحدة عبر انتخاب أول امرأة بعدما انتخب أول أميركي أسود كبيرة، فلينعقد الرهان عليها.لكن هذا الاعتقاد لا يمكن حسمه رغم تقدم فيورينا في استطلاعات الرأي الأخيرة.مخططون آخرون يقولون، إن المشكلة أمامها مزدوجة، إن لم تكن متعددة، إذ عليها مواجهة إمكانات ترامب الضخمة، ثم مواجهة كلينتون الذائعة الصيت والخبيرة المجربة.لكن الأهم من هاتين العقبتين هو كيفية إقناع قواعد كبيرة من الحزب الجمهوري، لا تزال تنظر إلى المرأة بعين الشك والنقص في مؤهلاتها، يقول هؤلاء إنها عقبة أيديولوجية كبرى في تفكير تلك القواعد.ولما كان من المبكر حسم هوية «الحصان» الذي قد يتقدم، فإن الرهان على فيورينا أو غيرها يظل في خانة التكهنات، خصوصاً أن السباق لا يزال في بدايته.