تهديدات الملياردير دونالد ترامب، المرشح الجمهوري المحتمل لانتخابات الرئاسة الأميركية، بالترشح كمستقل، يبدو أنها في طريقها للتحول إلى أزمة حقيقية داخل الحزب الجمهوري.

Ad

ورغم محاولته طمأنة الحزب بأنه لا يفكر في هذا الخيار جدياً حتى الآن، اشترط ترامب «أن يُعامل بطريقة عادلة، وعدم طعنه في الظهر»، إلا أن قيادة الحزب تأخذ تهديداته على محمل الجد، خصوصاً أنها ترتكز إلى استطلاعات مقلقة.

وبحسب استطلاع نشره ترامب نفسه، فإن 66 في المئة من جمهور الحزب الذي يؤيده لا يعارض ترشحه كمستقل إذا قرر الانسحاب، أو قرر الحزب فصله من حملته.

بدورها، كشفت محطة «سي إن إن» عن استطلاع أظهر أن شعبيته ارتفعت رغم كل الهجمات التي تعرض لها، سواء قبل اقتراحه حظر دخول المسلمين الولايات المتحدة أو بعده، فقد سجل 36 في المئة من احتمالات التصويت، وحل وراءه السيناتور اليميني تيد كروز الذي يؤيده  بـ16 في المئة، والجراح المتقاعد بن كارسون بـ10 في المئة، وماركو روبيو بـ9 في المئة.

وهبطت شعبية بقية المرشحين إلى ما دون الخانة الرقمية الواحدة، في حين تبخرت أرقام بعضهم أمثال جيب بوش وكارلي فيورينا وجيم كاسيش وليندسي غراهام.

وبرر الكثير من مؤيدي ترامب تمسكهم به بالقول إن ما يطرحه يعكس المخاوف والمحظورات التي طالما اشتكى منها الأميركيون، دون أن تلقى مخاوفهم اهتماماً من الطبقة السياسية، متهمين إياها بالكذب.

وبينما يرى البعض أن «الفوضى»، التي يثيرها ترامب، لا تستهدف النيل من منافسيه الجمهوريين فحسب، تحدثت تحليلات عن تطبيق ترامب استراتيجية خطيرة لا على الحزب الجمهوري وحده، بل على التوازن الذي يحكم الحياة السياسية الأميركية.

وفي الساعات الماضية أعلنت وسائل إعلام أميركية أن قيادة الحزب الجمهوري تعقد اجتماعات مكثفة يتوقع أن يصدر بعدها موقف رسمي حاسم من ترشيح ترامب. وقالت أوساط جمهورية إنها تفضل التضحية بكرسي الرئاسة الأميركية على انتخاب دونالد ترامب رئيساً يمثل الحزب.

واعتبرت تلك الأوساط أن ما يعد به ترامب ويطرحه من شعارات لا يعكسان آراء الجمهوريين في أمور الهجرة والمهاجرين، ولا في العلاقة مع الأقليات اللاتينية والسوداء والمسلمين، أو في النظرة إلى العلاقات الدولية.  واعتبرت تحليلات أخرى أن «انتعاش» الخط اليميني والخطاب الشعبوي المتطرف في الولايات المتحدة إنما هو الوجه الآخر للخطاب اليميني الذي ينتعش في المجتمعات الغربية عموماً، ويخترق القارة الأوروبية من أقصاها إلى أقصاها ولو بدرجات متفاوتة.

فالعجز عن ابتكار حلول خلاقة للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية، وضعف الإنتاج الثقافي منذ انهيار المنظومات الفكرية التي حكمت الصراع بين المعسكرين الكبيرين خلال الحرب الباردة، يجد تعبيراته في ازدهار نزعة الانغلاق والمطالبة بعودة الحمائية الاقتصادية والسياسية، والارتداد عن الانفتاح الذي خلقه نظام السوق العالمي.

هكذا تتعرض الوحدة السياسية والمالية والاجتماعية الأوروبية لاهتزازات غير مسبوقة، في حين تشهد الولايات المتحدة دعوات إلى إعادة الرأسمال الأميركي إلى مهده، الذي طالب به ترامب، في معزل عما إذا كانت تلك الدعوات واقعية أو مجدية.