تصاعد التوتر بين السعودية وإيران على خلفية الأزمة السورية وحادثة تدافع الحجاج في مشعر منى خلال موسم الحج.

Ad

في هذا السياق، قال المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي أمس الأول، خلال استقبال مسؤولي هيئات الحج الإيرانية، إن "7 آلاف مسلم" لقوا مصرعهم في حادثة التدافع في منى خلال موسم الحج، محملا مسؤولية مقتلهم لـ "الحكومة المضيفة" أي السعودية التي اتهمها بـ "التقصير".

وقال خامنئي إن بلاده لن تنسى أبداً ما حدث في منى، مضيفا أنه "كان من المفروض أن يرتفع صوت احتجاج واحد من قبل العالم الإسلامي، ولكن مع الأسف في ما عدا صوت الجمهورية الإسلامية الإيرانية لم يسمع أي صوت. وحتى الحكومات التي كان من حجاجها بين الضحايا لم تبد احتجاجاً يذكر".

من جهته، قال رئيس منظمة الحج والزيارة الإيرانية سعيد أوحدي، أمس، إن "السعودية قالت إن عدد ضحايا كارثة منى بلغ 7 آلاف و400 حاج"، متوقعاً أن يرتفع الرقم إلى نحو 8 آلاف.

وزعم أوحدي أنه "ومنذ الأيام الأولى قامت السلطات السعودية بدفن الكثير من الضحايا في 15 صفا طول كل صف منها 350 مترا، وما عدا أولئك قامت أيضا بدفن جثامين 900 حاج آخر في شرق عرفات".

في السياق، نفسه، قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، أمس، إن السفير الإيراني السابق في لبنان غضنفر ركن آبادي مازال مفقوداً، معربا عن الأمل بعودته سالما إلى البلاد، وذلك في تصريح أدلى به خلال مراسم تشييع مساعد قسم ممثليات الخارج في الدائرة العامة للتشريفات بوزارة الخارجية الإيرانية، أحمد فهيما، الذي قضى في كارثة منى.

وشارك عدد من المسؤولين الإيرانيين أمس في تشييع فهيما، وصعدوا ضد السعودية في تصريحات تناقلتها وسائل إعلام إيرانية.

في المقابل، اعتبر مساعد رئيس مجلس الشورى السعودي يحيى الصمعان أن "محاولة النظام الإيراني استغلال حادث منى سياسياً هو امتداد لسجله التاريخي في إيذاء الحجاج وإحداث الفوضى في الحج وتعكير الأجواء المقدسة في موسم الحج".

وأكد المسؤول السعودي أن "إيران هي الدولة الوحيدة التي ارتكبت الجرائم وحاولت إحداث الفوضى في مواسم الحج، وأحداث الثمانينيات لاتزال حاضرة في ذاكرة العالم الإسلامي، حتى لو حاولت إيران نسيانها أو تناسيها"، قائلا: "بعد أن نجحت المملكة في منع إيران من إحداث الفوضى في موسم الحج، فإنها لن تقبل استغلالها لمأساة ما حدث في موسم الحج".

ونقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) عنه القول :"إنه خلال السنوات العشر الماضية لم يتم تسجيل أي أحداث تتعلق بتنظيم الحج، على الرغم من المصاعب التي تكتنف تنظيم الحج، والناشئة عن وجود عدد كبير من الحجاج الذين يتجاوز عددهم مليوني شخص يؤدون مناسك الحج في مساحة مكانية صغيرة وفي وقت محدد".

وجاءت تصريحات الصمعان في مداخلة خلال اجتماعات الجمعية العمومية للاتحاد البرلماني الدولي المنعقد حالياً في جنيف، رداً على ما ذكره رئيس الوفد البرلماني الإيراني في كلمته أمام الاجتماعات بخصوص تدافع منى.

وشدد المسؤول السعودي على أن المملكة ترفض "التدخل الإيراني في شؤونها الداخلية، لأن هذا يمثل انتهاكاً للقانون الدولي، كما أنها تستهجن تسييس إيران لهذا الحادث الأليم، ومتاجرتها بآلام الضحايا، وتسخيرها للحادث لخدمة أهداف سياسية على نحو لا تراعي فيه حرمة الشعائر الدينية".

على صعيد آخر ردت وزارة الخارجية الإيرانية، أمس، على تصريحات وزير الخارجية السعودي عادل الجبير التي اعتبر فيها أن طهران دولة محتلة لسورية ويجب عدم إشراكها في حل الأزمة السورية قبل انسحابها من هناك، بالقول، إن السعودية غير مؤهلة للحديث عن دور طهران الإقليمي.

وأضافت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإيرانية مرضية أفخم في بيان أن "وزير الخارجية السعودي، الذي انتهجت بلاده توجهات عسكرية وأمنية ومتطرفة خلال الأزمات الحالية في المنطقة، ومن ضمنها استهداف البلد المسلم والجار لها اليمن لأكثر من سبعة أشهر عبر الغارات وعمليات القصف المستمرة، ليس مؤهلاً للتحدث عن دور إيران الإقليمي".

وأشارت أفخم الى أنه "في الوقت الذي يدعو فيه المجتمع الدولي الجمهورية الإسلامية الإيرانية، من خلال إدراكه لدورها البناء والباعث على الاستقرار، بالمزيد من مشاركتها والقيام بدورها في المنطقة، نلاحظ للأسف أن الدولة الوحيدة التي تنظر للتطورات الإقليمية نظرة الربح والخسارة، وتصر على شطب الآخرين هي السعودية، وهذا النهج غير البناء والمدمر لن يصل الى أي نتيجة".

ورأت أنه "كان المؤمل إثر المفاوضات النووية والترحيب العالمي بنهج الحوار البناء الشامل لتسوية المشاكل الإقليمية، أن تتخلى جارتنا الجنوبية عن بعض التوجهات الحصرية وغير المنطقية، ولكن يبدو للأسف أن البعض يعاني مشكلة في إدراك الظروف والتوجهات الإقليمية البناءة ويحملون أوهاما مستحيلة بتغيير العالم وشعوبه وفقاً لرؤاهم".

وأشارت أفخم إلى تصريحات الجبير بشأن مستقبل سورية السياسي قائلة ، إن "استخدام مثل هذه الأدبيات المتفرعنة والسخيفة والبعيدة عن العرف الدبلوماسي حول مصير الشعوب الأخرى دليل على المراوحة السياسية في المكان، وللأسف فإن هذه النظرة تسببت في توريط عدد من دول المنطقة وشعوبها، بما فيها سورية واليمن، في الحرب والتطرف المنهجي".

وكان الجبير أشار، مساء أمس الأول، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير إلى ضرورة تشكيل هيئة انتقالية في سورية، مضيفاً أن المجتمع الدولي قد يوافق على بقاء (رئيس النظام السوري بشار) الأسد في منصبه حتى تشكيل هذه الهيئة، ولكن يجب أن يتنحى بعد ذلك.

(طهران، جنيف - أ ف ب، رويترز، د ب أ، واس، إرنا، فارس)