أفادت مصادر مالية حكومية لـ«الجريدة» بأن قرار الاقتراض من السوق لتمويل العجز المالي في الميزانية العامة لن يعتمد على الاقتراض التجاري 100 في المئة بل سيخضع للتريث الكامل.

Ad

سحب البنك المركزي مؤخرا 225 مليون دينار من السيولة المتاحة لدى البنوك والفائضة في إطار جهوده المستمرة لضبط السيولة.

وفي التفاصيل، أن "المركزي" أصدر إصدارا طويل الأجل مدة عام بقيمة 50 مليون دينار لاقى إقبالا كبيرا من البنوك، إذ بلغت التغطية ما قيمته 274 مليون دينار أي بنسبة غطاء تبلغ 548 في المئة، وبعائد 1 في المئة، في حين جاء الإصدار الثاني مدة ثلاثة أشهر بقيمة 175 مليون دينار وبعائد 0.75 في المئة.

 في سياق متصل، قالت مصادر مالية، إن في السوق سيولة عالية متوافرة لدى البنوك بسبب تباطؤ الإقراض خلال الفترة الماضية، وفقا لبيانات يوليو التي عادة ما تشهد خمولا نسبيا بسبب فترة الصيف، إلا أنها تعود تدريجيا للانتعاش مع بداية موسم العمل وارتفاع وتيرة تنفيذ المشاريع وطرح اعمال جديدة، فضلا عن دخول الآلاف الى سوق العمل واللجوء الى اقتراض مبالغ لتوفير بعض الاحتياجات الشخصية الاستهلاكية.

قرار الاقتراض

 وأفادت مصادر مالية حكومية لـ"الجريدة" بأن قرار الاقتراض من السوق لتمويل العجز المالي في الميزانية العامة لن يعتمد على الاقتراض التجاري 100 في المئة بل سيخضع للتريث الكامل، ولن يكون هناك استعجال في الأمر، مشيرة الى ان الدولة تدير امورها المالية بروية، ولن تكون هناك عجلة في ذلك، خصوصا انه لا يوجد احتياج عاجل وملح في الوقت الراهن.

وأشارت الى ان ذلك ليس الحل الأوحد لتخمة السيولة في القطاع المصرفي، لأن هذا الأمر موجود تاريخيا، والبنك المركزي يقوم بدوره في هذا الصدد على اكمل وجه.

وأضافت أنه من غير المنطقي أن تضع الدولة سيولة كبيرة في إيداعات لدى الحكومة وتقوم باقتراضها بأسعار تجارية في ظل عجز يواجه الدولة، فضلا عن أن "المركزي" يقوم بسداد عوائد على الأذونات التي يطرحها.

وأوضحت أن هناك تهويلا ومبالغة في تناول ملف العجز رغم أن اسعار النفط تشهد تذبذبات وتحسنات مستمرة، مشيرة الى ان العجز قائم، لكن ليس بالضرورة الاقتراض بنفس النسبة، خصوصا انه سنويا وتاريخيا لا يتم انفاق كل المبالغ المرصودة في الميزانية لأسباب مختلفة وعديدة، وبالتالي فآلية الحسبة مختلفة تماما، اذ سيتم الاقتراض وقت الحاجة الماسة والفعلية التي ستعجز الدولة عن تمويلها من مواردها المتاحة وفق أنسب الخيارات واقل كلفة ممكنة.

وبينت أن كل الخيارات متاحة، لكن الأمر يتعلق بعجز مالي، وبالتالي ليس هناك مجال لتحقيق ربح لهذا الطرف او ذاك، بل سيتم اعتماد الخيار الأقل كلفة مالية على الدولة لعدم زيادة الأعباء والتكاليف.

 تجربة ناجحة

وذكرت أن الدولة لديها تجربة ناجحة وعملية تم تطبيقها في 1987 باستخدام ادوات الدين العام "اذونات وسندات خزانة" مقومة بالدينار ومصدرة محليا، وقام "المركزي" نيابة عن وزارة المالية بذلك الدور وأصدر تلك الأدوات لآجال وفترات مختلفة وحققت نجاحا كبيرا.

ولفتت الى ان ذلك الخيار يمنح الحكومة مرونة كبيرة في التحكم بمستويات تسعير التمويل والتنوع في احجام وآجال الاقتراض، وهو ما يسهل على الحكومة اختيار المبالغ والآجال وفق الحاجة الفعلية.

وأكدت أن وضع الدولة المالي اجمالا قوي ومتين، ولا داعي للهلع والاضطراب، مشيرة الى انه من بداية السنة المالية الجديدة وعمليات الصرف على المشاريع وتمويلها تتم بصورة اعتيادية ولا يوجد اي إرباكات تذكر.

وقالت المصادر "لن يكون هناك اقتراض تجاري بحت يحمل الدولة مزيدا من الأعباء، حيث يمكن فتح باب المشاركة للأفراد والمؤسسات والشركات، إضافة إلى البنوك المحلية ومستثمرين من الخارج.

العجز التقديري والفعلي

وشددت على ضرورة الملاحظة بين العجز التقديري والفعلي الذي غالبا ما يقل بكثير عن العجز التقديري، مشيرة الى أن العجز التقديري في الأشهر الخمسة الأولى من السنة المالية الحالية يبلغ 3.1 مليارات دينار، في حين بلغ العجز الفعلي نحو 2.4 مليار دينار اي بأقل 700 مليون دينار، وعلى هذا المقياس فإن العجز التقديري العام متوقع ان يتراجع بنسبة تصل الى نحو 25 في المئة تقريبا.

وأوضحت أن الأمر المطمئن ان كل الخيارات المتاحة امام الدولة ميسرة وجاهزة للتنفيذ والتطبيق ولا توجد اي مشاكل او صعوبات تعترض ذلك.

أرقام

وأكدت أرقام وبيانات مصروفات الميزانية ان وتيرة الصرف أقل تباطؤا من الإيراد بكثير، حيث بلغ اجمالي الإيرادات المحصلة حتى الآن 7.3 مليارات دينار، في حين بلغ حجم المصروفات الفعلية والالتزامات 4.2 مليارات دينار ومع الالتزام الخاص بنسبة 10 في المئة من جملية الإيرادات المحولة لاحتياطي الأجيال القادمة أي ما نسبته 733 مليون دينار، فإن هناك فائضا غير مستغل ولم يتم صرفه يبلغ 2.3 مليار دينار.

وعليه فإن وتيرة الإنفاق وإنجاز المشاريع وغيرها هي التي ستحكم عملية الاقتراض والتمويل لسد العجز الفعلي الذي قد ينشأ وليس إجمالي العجز المقدر.