ما الذي دعا مجلس إدارة مؤسسة البترول الكويتية إلى مناقشة دراسة مد أنبوب للنفط إلى الإمارات في هذا التوقيت؟

Ad

سؤال تم توجيهه إلى أحد القيادات النفطية في الكويت، فضل عدم ذكر اسمه، فأجاب إن الكويت اعتادت دائماً مناقشة بعض المشاريع كرد فعل لأمر ما، مرجحاً أن يكون السبب عائداً إلى الاتفاق الإيراني مع دول الغرب حول ملف طهران النووي، أو احتمال استخدام إيران التهديد بإغلاق مضيق هرمز الذي تعبر من خلاله أغلب النفوط للدول المستهلكة.

وقال القيادي إن دول الخليج قبل 10 سنوات كانت تبحث خططاً لتصدير النفط إلى بحر العرب لكن شيئاً من هذا القبيل لم يحدث، موضحاً أن دولة الإمارات استشعرت أهمية هذا الأمر وقامت به "منفردة" إذ إن هناك صعوبة للتفاهم بين الدول الخليجية، مما يعتبر "حافزاً" للكويت لبدء خطوات للقيام بمثل هذه المشاريع، لاسيما أنها وقطر هما الوحيدتان اللتان ليس لهما منفذ تصدير غير مضيق هرمز.

ولفت إلى أن التنسيق بين دول الخليج كان يفترض أن يكون حاضراً في المشاريع المصيرية التي تهم شعوب المنطقة، متمنياً أن تكون شبكة تصدير النفط والغاز بين دول الخليج حاضرة مثل مشروع شبكة الربط الكهربائي، لكن الإمارات هي من تحدد إمكانية استفادة الكويت من المشروع عبر التنسيق بين البلدين.

غياب التفكير بعيد المدى

وعن تأخر المشاريع الاستراتيجية بين دول الخليج رغم وجود مجلس التعاون الخليجي منذ ثمانينيات القرن الماضي، أشار القيادي إلى أن المنظومة الخليجية "سياسية" أكثر منها اقتصادية، مؤكداً أن التكامل لن يتوفر من دون الاقتصاد، لافتاً إلى مشروع الغاز بين الكويت وقطر الذي توقف بسبب مرور الأنابيب في الأراضي السعودية.

لكن الكويت لا تتعامل بجدية مع هذه المشاريع، بل تعتمد عملية ردود الأفعال دون أي تخطيط، مبدياً أسفه لأن هذه المشاريع لم تناقش أو تطرح يوماً ما في المجلس الأعلى للبترول، وهو المعني برسم السياسة النفطية، أضف إلى ذلك أن الكويت تفتقر إلى التفكير بعيد المدى، "والدليل ما نعيشه حالياً.

وللعلم كانت هناك عدة دراسات تم إنجازها في فترة الثمانينيات من القرن الماضي لمد أنابيب عبر البحر الأحمر لكنها لم تر النور، إضافة إلى تعطل استيراد الغاز القطري للكويت لأسباب سياسية، وجميعها تجارب تشير إلى صعوبة إتمام أي مشروع مشترك بين دول الخليج لتصدير النفط.

مشاريع مكلفة

وتعتبر مثل هذه المشاريع مكلفة جداً بحكم المسافة بين الكويت والإمارات إضافة إلى أنها ستأخذ فترة طويلة للإنجاز تصل إلى خمس سنوات مبيناً أنها "صعبة عملياً لكنها سهلة فنياً، لكن المشروع المجدي لنقل النفط بشكل آمن يكون عبر مد أنابيب للبحر الأحمر.

ويرى البعض أن هناك عائقاً يواجه الكويت في تنفيذ المشاريع الاستراتيجية الداخلية، وهي الأوضاع السياسية غير المستقرة لاسيما الخلافات المتكررة في القطاع النفطي التي عطلت الكثير من هذه المشاريع والأمثلة كثيرة على ذلك، فإذا كانت المشاريع الداخلية، وهي ذات أهمية لم تنجز، فكيف ينجز مشروع خارجي مكلف مادياً ؟

إلى ذلك هناك خبراء تحدثوا عن إمكانية مد خط الخليج "الكويت الفجيرة" كأحد الحلول الاستراتيجية حيث تبلغ المسافة بين الكويت والفجيرة نحو 1480 كلم، وهو ليس امتداداً كبيراً، ما يدعم إمكانية بناء خط يشمل الخليج بكامله، خصوصاً أن هناك دولاً مثل روسيا لديها أنابيب نفطية تمتد عبر آلاف الكيلومترات، على الرغم من الطبيعة الصعبة والتضاريس الوعرة هناك، وذلك على عكس الطبيعة الممهدة التي تتمتع بها دول الخليج من الكويت للفجيرة، حيث الأرض الرملية المسطحة دون عوائق أو تضاريس جبلية وعرة.

تاريخياً... إيران لم تغلق مضيق هرمز

يتكرر التهديد بإغلاق مضيق هرمز، ولكنه لم يتحقق ولو مرة واحدة على مر التاريخ، وإذا تم إغلاقه – وذلك لن يحدث – فلن يتم إلا لفترة محدودة لن تؤثر كثيراً على إمدادات النفط، بسبب الفارق الكبير في القوة النارية بين إيران وما عداها.

وإذا أغلق المضيق؛ فسيكون ضرره أكبر على مستهلكي النفط، فمن المفترض أن يمنع نحو 17 مليون برميل يومياً من المرور إلى الأسواق وتمثل نحو 20 في المئة من إنتاج النفط العالمي، ونحو 40 في المئة من صادرات النفط أو من تجارة النفط العالمية.

كما أن أكبر المتضررين من المستهلكين ستكون دول آسيا أكبر المستوردين لنفط الخليج، وأهمها الصين واليابان والهند وكوريا الجنوبية، وبعضها صديق ومدافع عن إيران في خلافها مع الغرب، وأكبر الضرر في جانب الدول المنتجة سيقع على إيران ثم العراق، رغم منافذ الشمال للأخيرة، بسبب أوضاعهما الاقتصادية الصعبة، ولأن معظم احتياجاتهما عدا النفط، مصدرها الممر ذاته، أما دول الخليج الأخرى فستكون أقل تضرراً بسبب ما لديها من فوائض مالية لتعويض نقص حصيلة الصادرات النفطية، لبعض الوقت. فمن غير المتوقع أن تغلق إيران الممر لأن تاريخها، شاملاً 8 سنوات من الحرب مع العراق إضافة إلى أحداث الصدام العسكري عام 1988 في الممر مع الولايات المتحدة، لم يقدم دليلاً واحداً على رغبتها في إغلاقه رغم تصريحاتها المتكررة عبر التاريخ باحتمال إغلاقه.