دخلت صناعة البتروكيماويات في الكويت مرحلة الغموض والتضارب في التصريحات من قبل قيادات هذه الصناعة، حيث صرح الرئيس التنفيذي لشركة إيكويت محمد حسين بأنه لا توجد رؤية واضحة لتطوير الصناعة في الكويت، بينما يرى الرئيس التنفيذي لشركة الكيماويات البترولية أسعد السعد خلاف ذلك، وان الرؤية واضحة!

Ad

لكن من المؤكد أن بوابة نضوج التوجه في صناعة البتروكيماويات في الكويت لا تتوافر حاليا، حيث لاتزال تعتبر جزءا من الصناعة القديمة، وبات ينطبق عليها المثل «على طمام المرحوم»، ومن الضروري مواكبة التطور الصناعي والإسراع في مشروع الاوليفينات الثالث، واختيار الشريك الاجنبي له، وهو تحد لوزير النفط الجديد أنس الصالح، إضافة الى حسم مشروع مجمع البتروكيماويات في الصين، بعد تأخره كثيرا، ومؤسسة البترول مطالبة اليوم باتخاذ القرار المناسب بشأنه.

كما يجب توضيح المواد الأولية لصناعة البتروكيماويات، وهل هناك توجه لاستخدام الغاز؟ وهل الغاز الذي سيتم استخراجه كاف للصناعة؟ حيث إن مثل هذه القرارات ستعطي حرية أكبر للتوسع في الصناعة، وهذا ينسحب ايضا على القطاع الخاص الممثل في شركتي بوبيان والقرين للبتروكيماويات الذي سيكون عاملا مشجعا للاستثمار الصناعي في الكويت، مع وجود دعم من قبل مؤسسة البترول.

ومن المؤكد ان الامر لا يحتمل الانتظار اكثر، لان جميع الدول المجاورة تبني وتتوسع في هذه الصناعة، والفرص التسويقية تتقلص، والتأخر سيضر بالصناعة، وهو ما كان واضحا خلال مؤتمر اتحاد صناعة البتروكيماويين في الخليج «جيبكا» الاخير، فالمستثمر الاجنبي والقطاع الخاص بالكويت لن يقدم على أي خطوة إن لم تكن هناك أرقام وقرارات واضحة من قبل مؤسسة البترول في ما يخص المواد الاولية، وهي العامل الجاذب لاي مستثمر، علما ان كل هذه المتطلبات غير متوافرة من قبل المؤسسة، وهذا امر صعب جدا.

تبعات «الداو»

من الواضح ان وضع الكويت بعد إلغاء مشروع «كي - داو» اصبح اضعف مما كان عليه، بسبب خسارة الثقة، وهذا المشروع يجب التعامل معه بشفافية بعد الغاء الصفقة، ومن ثم معرفة مدى الجدية في المضي قدما في صناعة البتروكيماويات، فالزبائن لن ينتظروا الكويت حتى تقرر المضي في صناعة البتروكيماويات، والجميع لم يستفق حتى الآن من «صفعة» الداو، كما يسميها قيادي نفطي.

ويعلم متابعو القطاع النفطي ان مؤسسة البترول الكويتية كانت غارقة في الخلافات بين وزير النفط د. علي العمير وبعض القيادات، رغم ان مؤسسة البترول هي المعنية بالإمساك بزمام الانطلاقة في صناعة البتروكيماويات، لأنها هي التي تحتكر جميع الموارد الهيدروكربونية بحسب الدستور، وصاحبة القدرة على توجيه صناعة البتروكيماويات، كما تقوم به شركة سابك وأرامكو في السعودية، إذ يتم توجيه هذا القطاع والصناعات اللاحقة.

لكن ماذا ستفعل المؤسسة بعد خروج العمير من وزارة النفط؟ وهل ستكون واضحة في التعاطي مع صناعة البتروكيماويات؟ أم من المفروض انتظار رئيس تنفيذي للمؤسسة ذي خلفية في هذه الصناعة لكي يتبنى القرارات السريعة في دوران عجلة البتروكيماويات.

إذن يجب ان ينظر إلى مستقبل صناعة البتروكيماويات بجدية، ويحسم بأسرع وقت، فإما أن تتجه الكويت الى هذه الصناعة أو لا، وإن كان خيار الحكومة أن تتجه الى الصناعة فيجب ان يتسم الحديث عنها بكثير من الجدية، ويتم بحثها بعناية من ناحية كيفية الاستمرار فيها وتطويرها.

والكويت لديها محدودية في مواد اللقيم الأساسية التي تدخل في هذه الصناعة، وهي عبارة عن مواد غازية أو سائلة، ومع ذلك لم تصل المواد الاساسية لها الى الشح او القلة، حيث إن الاكتشافات الاخيرة للغاز، التي اعلنتها مؤسسة البترول الكويتية، اضافة إلى مواد اللقيم السائلة الاخرى التي تأتي من مصافي التكرير متوافرة، لكنها موجهة الى توليد الطاقة أو التصدير.

أسباب نجاح «الخليج»

قد يتساءل البعض عن السبب وراء تأخر الكويت في هذه الصناعة؟ والإجابة هي ان سياسات دول الخليج أعطت القطاع الخاص تسعيرة للمواد الأولية من خلال تشريعات، بحيث يلتزم القطاع الخاص بتوظيف نسبة من العمالة الوطنية، وتشييد بنية تحتية لهذه الصناعة، فالصناعة الآن في الخليج متكاملة، وهي قوية ومتطورة من خلال الشراكة مع الشركات العالمية.

وهناك إيمان لدى أصحاب القرار في دول الخليج بأن الصناعات البتروكيماوية تلعب دورا مهما في النمو الاقتصادي والنمو الصناعي لأي دولة، والقيمة المضافة لصناعة البتروكيماويات في الاقتصاد المحلي تعتبر الأكبر مقارنة بالصناعات والقطاعات الأخرى.

والكثير ممن عملوا في هذه الصناعة ينادون باتخاذ القرار المناسب للتوسع في الصناعة، حيث إن عجلة المشاريع في الدول المجاورة في هذا المجال لم تتوقف، ما يضع الكويت في وضع تنافسي صعب، خصوصا من السعودية بإنشاء مشاريع بتروكيماويات عملاقة، للمحافظة على نسبتها في سوق البتروكيماويات ما يضعف تنافسية الكويت.