مع المثلث المرعب من التزوير الاحترافي الذي يبدأ بالجنسية مرورا بالشهادت العلمية والكفالات البنكية، يتسلى الكثير من الناس كهواية مع عدادات الكهرباء والإجازات المرضية واختبارات السياقة وشهادات المعاقين وبقية متطلبات الحياة اليومية التي صارت «قازرة» بالحلوة والمرة.

Ad

حالة البلد يرثى لها، وهيبة الدولة لم يعد لها أي احترام، بل إنها ضعفت إلى حد الفوضى وعدم الاكتراث بالقانون أو المؤسسات، وهذا نذير شؤم بكل تأكيد، والشواهد على ذلك ليست من وكالة «يقولون» أو من سوالف الدواوين، أو مجرد تغريدات شبابية، بل إن أخبار فوضى البلد لم تعد في صدارة الأحداث، وهذا ما يدعو إلى القلق الحقيقي.

وزارة الداخلية تعلن تعاونا خليجيا لكشف المزدوجين، أي مزوري الجنسية الكويتية، على الرغم من أن وزير الداخلية في مجلس 2009 قام وصرح بكل ثقة بأن الكويت ليس فيها أي مزدوج، بما في ذلك أعضاء مجلس الأمة، وذلك رداً على اتهام أحد النواب في البرلمان، واليوم أثيرت الشبهات حول نواب في مجلس الأمة يفترض أن يقوموا بالتشريع والرقابة نيابة عنّا، وكان يتوقع اتخاذ بعض الإجراءات، فإن المواقف السياسية قبل التعديل الوزاري الأخير «طيّحت» الحطب وتم السكوت عن الموضوع!

وزير التربية من جهته يصرح بأن هناك 270 شهادة دكتوراه مشبوهة في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب وحدها، وأنه تم اتخاذ الخطوات اللازمة لتحويل الموضوع إلى النيابة، والسؤال الأخطر هو: ما عدد إجمالي الشهادات المضروبة وعلى مختلف مراحل التحصيل العلمي؟ وماذا يتولى أصحابها من مهام ومسؤوليات وخصوصاً في مجال اتخاذ قرارات الدولة أو إعداد النشء الجديد بالعلم والمعرفة، وللعلم كان معظم المسؤولين التربويين ينكرون وجود شهادات مزورة حتى عام 2011؟!

القصة الثالثة تأتي مباشرة من بلدية الكويت، حيث تم اكتشاف 40 ألف كفالة بنكية مزورة تقدر بعشرات الملايين واستثماراتها بما في ذلك المشاريع الحكومية التي تقدر بمئات الملايين، أي حلم للتنمية التي وعدتنا بها الحكومة لتطوير الخدمات واللحاق بركب دول الخليج التي «طافتنا» بعقود من الزمن؟!

مع هذا المثلث المرعب من التزوير الاحترافي يتسلى الكثير من الناس كهواية مع عدادات الكهرباء والإجازات المرضية واختبارات السياقة وشهادات المعاقين وبقية متطلبات الحياة اليومية التي صارت «قازرة» بالحلوة والمرة!

في تصريح لافت آخر أفاد السيد وكيل وزارة الصحة بوجود 250 موقعاً إلكترونياً لأدوية مغشوشة، ونضيف إلى ذلك إعلانات الطب الشعبي والرقية الشرعية التي صارت تنافس خدمات وزارة الصحة!

السؤال الكبير، لماذا تجرأت الناس إلى هذا الحد على تحدي الدولة ككيان ونظام ومؤسسات وهيبة وقانون؟ ولماذا تسكت الحكومة عن هذه الظواهر التي تحولت إلى ثقافة قد يفتخر بها مرتكبو الجرائم؟ حقيقة ليس مقنعاً أن يقال إننا نفتقر إلى المؤسسات الرقابية والجزائية والقرار الرادع، فما حصل مع المغردين وأصحاب الرأي يؤكد أن جهات الداخلية مفتحة باللبن، وكأن هناك ضوءاً أخضر للتزوير بدءاً بالمرضية مروراً بالشهادة العلمية وانتهاءً بالجنسية، وفوق هذا كله «زعل» الكويتيون عندما قالت سفيرة الولايات المتحدة الأميركية السابقة في الكويت إن عمر بلدنا لن يتجاوز عام 2025!