حتى الآن، وبعد نحو خمسة أعوام، هناك من لايزال يبرر ضرورة الحفاظ على بشار الأسد ونظامه، بالخوف من أنْ تعمَّ الفوضى في سورية، وأن يكون البديل هو التنظيمات الإرهابية المتناحرة، وعلى رأسها "داعش"، وحقيقة فإنه إنْ لم يكن مبرر هذا الكلام هو العجز أو التآمر فإنه سوء التقدير المستند إلى الجهل بما أصبحت عليه الأوضاع في هذا البلد المنكوب، حيث أصبح الحابل يختلط بالنابل، وحيث غدا هذا البلد العربي، الذي كان يوصف بأنه "قلب العروبة النابض" ساحة صراع دولي وميداني لاقتتال تنظيمات بات يعجز عن حصْرِ أعدادها وأسمائها أكبر "كمبيوترات" الكرة الأرضية.
إن ما يجب أن يفهمه ويدركه الذين ينادون ببقاء الأسد ونظامه بحجة الخوف من أن يكون البديل هو الفوضى والإرهاب هو أنه لا توجد فوضى أسوأ من هذه الفوضى التي تعيشها سورية، وأنه لا يوجد إرهاب، إن في الشرق وإن في الغرب وإن في العالم بأسره، إلا وأصبح له ليس موطئ قدم فقط، بل قواعد مسلحة ودويلات صغيرة لها قوانينها وسجونها وقادتها الذين يتطاير الشرر من عيونهم في معظم الأراضي السورية... حتى في دمشق نفسها، ولهذا فالمثل الذي يجب التذكير به في هذا المجال هو "كالغريق الذي يخشى من البلل"! على الذين يخشون أن يكون بديل الأسد ونظامه هو الفوضى والإرهاب أن "يتذكروا" أن هذا النظام نفسه هو منْ سعى إلى معادلة "إمَّا هو أو الإرهاب" ومنذ البدايات في عام 2011 عندما واجه الاحتجاجات السلمية بالعنف والحديد والنار وعندما أطلق سراح كل الإرهابيين الذين كانوا في سجونه وتركهم يعيدون تنظيم صفوفهم ويشكلون كل هذه التنظيمات الإرهابية التي من بينها "داعش" و"النصرة". ثم هل يعتقد الذين يتمسكون بهذه الحجج الفارغة أن هناك استقراراً في سورية يستدعي التمسك ببشار الأسد ونظامه للحفاظ عليه؟! أين هو هذا الاستقرار الذي يتطلب التضحية ويستدعي أن يتحمل الشعب السوري كل هذه المصائب والويلات من أجل الحفاظ عليه؟! أين هو هذا الاستقرار وعدد الفارين من وطنهم تجاوز الأربعة ملايين ولاجئو "الداخل" تجاوز عددهم السبعة ملايين؟! ألمْ يعلن بشار الأسد، بالصوت والصورة، ذات يوم قريب مضى قبل أنْ يستدعي الروس لاحتلال سورية، أن قواته لم تعد قادرة على الدفاع عن العديد من مناطق البلاد، وأنه اضطر إلى "سحبها" للدفاع عما سماه المناطق الأكثر أهمية... والمناطق الأكثر أهمية بالنسبة إليه ولنظامه هي المناطق التي بقي فيها باقي ما تبقى من الدولة... وهي المناطق التي قد تقام فيها الدولة المذهبية البديلة؟! إن هذا المنطق الذي يدعو للتمسك ببشار الأسد ونظامه خوفاً من الفوضى والإرهاب هو منطق أعوج وإلا فإنه سيصبح مبرراً لأن تشهد العواصم العربية "تظاهرات" تطالب بالمزيد من الاحتلال الروسي في سورية، وذلك لأن القوات الروسية هي المسيطرة فعلاً على "القطر العربي السوري"، ولأنها هي التي تشن حرباً لا هوادة فيها على تنظيمات المعارضة السورية (المعتدلة)... التي يعتبرها الروس ومعهم هذا النظام تنظيمات إرهابية ويعتبرونها سبب الفوضى التي تغرق فيها هذه الدولة العربية... وبالطبع فإن هذا غير صحيح، وهو تجنٍّ واضح على هذه الأمور!
أخر كلام
حجج باطلة وغير صحيحة!
25-12-2015