دور الزيت الصخري في معادلة استقرار أسواق الطاقة
يغطي معظم نمو الطلب العالمي خلال السنوات الخمس المقبلة
شهدت أسواق النفط في الأسبوع الماضي طائفة غير معتادة من التطورات والتباينات وسط أنباء عن زيادة تخمة المعروض وارتفاع إمدادات النفط السعودي، وتحسن الطلب الياباني منه بنسبة 6 في المئة محسوبة على أساس سنوي تصل إلى 1.16 مليون برميل يومياً.وحسب توقعات وكالة الطاقة الدولية، فإن أسعار النفط قد تتعرض إلى مزيد من الضغوط نتيجة تراجع الطلب العالمي وتنامي تخمة المعروض وربما تستمر عملية استعادة توازن الأسواق حتى العام المقبل. لكن هذه التوقعات لم تأخذ بعين الاعتبار تداعيات أزمة الديون اليونانية، وخصوصاً ما يتعلق منها باضطراب أسواق الاتحاد الأوروبي والجوانب النفسية التي قد تنجم عن خروج اليونان من منطقة اليورو، ناهيك عن تراجع أداء الاقتصاد الصيني الذي قد يشكل نقطة تحول بارزة في مسار استقرار الطاقة. وكان اللافت في الآونة الأخيرة الأنباء التي ترددت حول زيادة عدد منصات استخراج الزيت الصخري في الولايات المتحدة لأن هذا التطور ينطوي على أهمية خاصة، ونقلة جلية في مجال الإنتاج النفطي عبر تقنية كان يعتقد أن هبوط أسعار النفط خلال ما يقارب العام بنسبة 50 في المئة جعلها في حالة سبات أو جمود الى أجل مجهول.
وتشير الدراسات الحديثة إلى أن شركات استخراج الزيت الصخري تمرست في هذه العملية بحيث تمكنت، أحياناً، من خفض تكلفة الانتاج في السنة الماضية من 70 إلى 57 دولاراً فقط، مع الأخذ بعين الاعتبار التخلص من تكاليف الاستيراد من الخارج ومخاوف التهديدات التي تتعرض لها عمليات الإمداد في مناطق ربما تشهد اضطرابات سياسية معرقلة. كما أن الشركات التي تنجح في تحقيق هذا الهدف سوف تتمتع باستقلالية تشغيل لا تتوافر في حالات الاستيراد من الدول المنتجة التي تملك حرية القرار في مجال التصدير ووجهته.من جهة أخرى، لا بد من الإشارة إلى الجانب الإيجابي في هبوط أسعار النفط، إذ يعني ذلك توجيه كميات أكبر من الأموال لأغراض التنمية والمشاريع الإنتاجية التي تنعكس على المواطن والاقتصاد في آن معاً، حيث توفر فرص عمل جديدة إضافة إلى خفض معدلات التضخم في العالم. لكن هذه الصورة الإيجابية تتوقف على طول فترة الانخفاض التي ترتبط تلقائياً بمدى استمرار معدلات الإنتاج الحالية في ضوء إصرار منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) على عدم تغيير مستويات الإنتاج رغم مطالبة البعض من أعضاء المنظمة بذلك بغية التخلص من تخمة المعروض. ومما لا شك فيه فإن لمواقف عدد من أعضاء منظمة "أوبك" حسابات تهدف إلى الضغط على دول معينة من خلال الحفاظ على مستويات إنتاج عالية، بحيث لا تتأثر مشاريعها التنموية، في حين تعرض دول أخرى إلى تحديات اقتصادية غير محسوبة، كما كان الحال على سبيل المثال في هبوط قيمة الروبل الروسي بصورة مثيرة للقلق.من جهة أخرى، وفي جدلية معاكسة، يرى العديد من خبراء صناعة الطاقة أن الزيت الصخري، ولأسباب تقنية ومادية، لا يشكل تهديداً بالنسبة لمنظمة (أوبك)، وأن ثمة مبالغات كبيرة أثيرت حول تأثيره بهدف توجيه مزيد من الضغوط على الدول المنتجة للوقود الأحفوري في المقام الأول، رغم التوقعات التي تشير إلى أنه سوف يغطي معظم نمو لطلب العالمي خلال السنوات الخمس المقبلة. يذكر أن كبار خبراء الطاقة يتوقعون تعافي أسعار النفط في الفترة المقبلة، وأن تبلغ الأسعار ما يقارب الـ 140 دولاراً أو أكثر، لكن بوتيرة أبطأ قد تحكمها تحديات لا يمكن تحديدها بشكل قاطع في الوقت الراهن.