هجمات القوات الحكومية وصواريخ الحوثيين تسقط الهدنة في اليمن
لم يصمد الاتفاق على وقف إطلاق النار الرامي إلى دفع محادثات السلام اليمنية في سويسرا حتى يوم الجمعة، إذ انهارت الهدنة في أعقاب هجوم شنته القوات الموالية للحكومة التي استعادت السيطرة على بلدتين، وإطلاق المتمردين لصاروخين في اتجاه الأراضي السعودية المجاورة.
ودخلت هذه الهدنة حيز التنفيذ الثلاثاء، في موازاة بدء محادثات صعبة بين السلطة والمتمردين برعاية الأمم المتحدة، في محاولة لإيجاد حل للنزاع اليمني. واستعادت القوات الموالية للحكومة اليمنية المعترف بها والمدعومة من الرياض مدينتين من الحوثيين في شمال اليمن. وسيطرت القوات التابعة للرئيس عبدربه منصور هادي مدعومة من التحالف العربي بقيادة الرياض الخميس على مدينة حرض في شمال غرب البلاد في عملية انطلقت من الأراضي السعودية، بحسب ما أفادت مصادر عسكرية. وذكر مسؤول عسكري أن هذه القوات التي دربتها وجهزتها السعودية سيطرت على حرض الخميس بعد عبورها الحدود السعودية التي تبعد 15 كيلومتراً عن المدينة. كما استعادت القوات مدعومة من مسلحين من القبائل الجمعة السيطرة على مدينة حزم مركز محافظة الجوف (شمال)، وفقاً لمصادر قبلية. وأشار مسؤول إلى أن نحو ألف مقاتل شاركوا في هذا الهجوم، مؤكداً وقوع "معارك عنيفة" في حرض التي يبلغ عدد سكانها 25 ألفاً. ولفت إلى وقوع عشرات القتلى في صفوف المتمردين المدعومين من القوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح. ميناء ميدي وأشارت مصادر عسكرية إلى أن الموالين للحكومة أصبحوا على بعد كيلومترات عدة من ميناء ميدي على البحر الأحمر، والذي يسيطر عليه الحوثيون منذ العام 2010. وهذه المعارك ليست جديدة على الحدود اليمنية السعودية حيث أدى قصف الحوثيين إلى مقتل أكثر من 80 شخصاً منذ بدء تدخل التحالف العربي بقيادة السعودية في مارس الماضي، الذي بدء كحملة جوية ثم تطور إلى مساعدة عسكرية برية. ورداً على هذا الهجوم، أطلق الحوثيون الجمعة صاروخين بالستيين في اتجاه الأراضي السعودية، بحسب ما أعلن التحالف في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية الرسمية. وقال التحالف أن الدفاعات الجوية السعودية اعترضت صاروخاً بالستياً أطلق من اليمن فيما سقط صاروخ آخر في منطقة صحراوية من المملكة. وسقط الصاروخ الأول في منطقة مأرب في شرق اليمن بعدما تم اعتراضه، فيما سقط الثاني في شرق مدينة نجران السعودية، بحسب ما أوضح بيان التحالف. وأضاف البيان أن قيادة التحالف تؤكد "أنها في الوقت الذي تحرص فيه على إنجاح مفاوضات جنيف ودعم مساعي الحكومة الشرعية لإيجاد حل سلمي للقضية اليمنية لن تلتزم بالهدنة طويلاً في ظل هذا التهديد لأراضي المملكة". لكن المتحدث باسم القوات الموالية لصالح العميد شرف غالب لقمان قال إن الحوثيين أطلقوا صاروخين بالستيين الأول من طراز "قاهر 1" على تجمع لـ"قوات العدوان" في نجران، والثاني من طراز "توشكا" على معسكر تداويل استهدف تجمعاً لـ"مرتزقة العدوان" في مأرب. ومنذ دخولها حيز التنفيذ، انتهكت الهدنة بشكل يومي بسبب المعارك التي تدور أحياناً، لكن تصعيد الجمعة هو الخرق الأكبر. وجاء ذلك مع إعلان الوفد الحكومي المشارك في محادثات السلام اليمنية في سويسرا استئناف الاجتماعات يوم السبت بعد قرار المتمردين الحوثيين العودة إلى الاجتماعات التي تغيبوا عنها الجمعة احتجاجاً على خرق الهدنة. وكان مصدر في الوفد الحكومي قال لوكالة فرانس برس إن الوفد انتظر حضور ممثلي الحوثيين طوال الجمعة إلى مكان الاجتماع، لكنهم لم يأتوا. وأوضح إنهم "لم يأتوا، لقد قضوا اليوم في القيام باتصالات مكثفة مع المبعوث الأممي الخاص" اسماعيل ولد شيخ أحمد الذي حاول اقناعهم بالعودة إلى طاولة المفاوضات، مشيراً إلى أن المحادثات "ستستأنف السبت مبدئياً". من جهته، أعلن وفد المتمردين أنه قدم "احتجاجاً" للأمم المتحدة ضد خروقات وقف إطلاق النار. ونقل حساب الحوثيين على تويتر عن العضو في الوفد المتحدث باسم أنصار الله محمد عبدالسلام قوله "لقد قدمنا احتجاجاً لأنه ليس في استطاعة الأمم المتحدة تطبيق وقف إطلاق النار". وأكد أن "الجيش واللجان الشعبية سيواصلون الدفاع عن الوطن". واعتبر عضو الوفد الحكومي تعليقاً على تلك التصريحات "أنهم يريدون المماطلة والضغط فقط". تساؤلات وفي جنيف، رفض المتحدث باسم الأمم المتحدة أحمد فوزي التساؤلات حول ما إذا كان المتمردون قد قاطعوا المحادثات، مشيراً إلى أنه تم تحديد موعد الاجتماع في وقت متأخر الجمعة للسماح للمشاركين بأداء صلاة الجمعة. ورداً على سؤال حول مدة هذه المحادثات، قال فوزي إنه "لا يمكن التنبؤ بهذا الأمر"، لافتاً إلى أنه كان من المتوقع أن تستمر المحادثات المفتوحة لأسبوع على الأقل "لكن يمكن أن تنتهي في أي وقت". وأكد أن ولد شيخ أحمد "يبذل جهداً كبيراً للتقريب بين الجانبين في القضايا الجوهرية". وتدور المحادثات وسط تعتيم إعلامي وشح في المعلومات المتعلقة بمسار التفاوض أو أي نتائج تم التوصل إليها. لكن الأمم المتحدة أعلنت الخميس إنه تم التوصل إلى اتفاق حول الاستئناف "الفوري والكامل" للمساعدات الإنسانية إلى مدينة تعز في اليمن. وأشارت إلى أن المحادثات في الأيام المقبلة ستتركز على تنفيذ وقف مستدام لإطلاق النار على كل الأراضي اليمنية، وإطلاق سراح السجناء، وأيضاً امساك الدولة مجدداً بزمام المؤسسات العامة. وأدى النزاع في اليمن منذ مارس الماضي إلى مقتل نحو ستة آلاف شخص، يشكل المدنيون نحو نصفهم، وجرح زهاء 28 ألفاً، بحسب أرقام الأمم المتحدة.