لن تتمكن اليونان الثلاثاء ما لم يحصل تحول جذري ومفاجئ في الأوضاع من سداد 1,5 مليار يورو مستحقة عليها لصندوق النقد الدولي، ما يعلن بدء مرحلة جديدة من الغموض قبل خمسة أيام من استفتاء حاسم رهانه بقاء اليونان في منطقة اليورو.

Ad

وفيما تجمع حوالي 17 ألف متظاهر معارض للتقشف في أثينا للتنديد بـ "ابتزاز الدائنين" لبلادهم، أكد رئيس الوزراء الكسيس تسيبراس ضمناً مساء الأثنين على أنه لن يكون بوسع اليونان تسديد هذا الاستحقاق.

وقال تسيبراس متحدثاً عبر شبكة اي ار تي التلفزيونية العامة "هل يعقل أن يكون الدائنون ينتظرون أن نسدد صندوق النقد الدولي في حين انهم يخنقون المصارف؟" مضيفاً "ما أن يرفعون هذا الخنق حتى يتم دفع المبالغ لهم".

والرد الذي سيواجه به صندوق النقد الدولي هذا التخلف عن السداد الذي يعتبر عادة بالغ الخطورة، سوف يحدد الثلاثاء المنحى الذي ستتخذه المفاوضات بين اليونان ودائنيها.

وأطلق شركاء أثينا الأوروبيون الأثنين معركة الـ "نعم" للاستفتاء الذي ينظم في 5 يوليو حول تدابير التقشف التي يقترحها الدائنون على اليونان لمواصلة امدادها بالمساعدة المالية.

وقال رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر قال من بروكسل الأثنين "أن التصويت بـ لا سيعني أن اليونان تقول لا لأوروبا"، ووجه انتقادات قاسية لتسيبراس مبدياً احساسه بـ "بالخيانة" نتيجة سلوك حكومة اليسار الراديكالي اليونانية.

وأضاف يونكر "اطلب من اليونانيين التصويت بنعم، لأن اليونانيين الفخورين بأنفسهم وببلادهم لا بد لهم من أن يقولوا نعم لأوروبا".

وعلى غرار يونكر يراهن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والمستشارة الالمانية انغيلا ميركل على موافقة اليونانيين على تدابير التقشف معتبرين أن تصويت الأحد المقبل لن يكون حول اقتراحات الدائنين للحكومة اليونانية، بل حول بقاء اليونان أو عدم بقائها في منطقة اليورو.

وباتت اليونان التي فرغت خزائنها على شفير سيناريو كارثي يقضي بخروجها من منطقة اليورو، وهو سيناريو يثير مخاوف شديدة في أوروبا برمتها.

ولتجنيب البلاد انهياراً مصرفياً قررت الحكومة اليونانية اقفال المصارف وفرض قيود على حركة الرساميل، وستبقى المصارف مقفلة حتى السابع من يوليو الأمر الذي انعكس على البورصات العالمية خوفاً من الاسوأ من غير أن يتسبب بحركة هلع.

وأقفلت باريس على تراجع بنسبة 3,74% فيما خسرت فرانكفورت 3,56% ولندن 1,97%.

وفتحت بورصة طوكيو صباح الثلاثاء على ارتفاع طفيف قدره +0,32% بعدما تراجعت 2,9% الأثنين.

ولم تبد الأبواب مغلقة تماماً بين أثينا ودائنيها الأثنين، وفي اتصال هاتفي بين هولاند والرئيس الأميركي باراك أوباما اتفق الأثنان على "اعطاء الأولوية لاستئناف المحادثات" حول الأزمة اليونانية.

كما أبدت المستشارة الألمانية استعدادها لخوض مفاوضات جديدة مع اليونان "بعد الاستفتاء"، مضيفة "في حال فشل اليورو فإن أوروبا ستفشل".

وقال رئيس مجموعة اليورو يروين ديسلبلويم "أواصل تكرار القول أن الباب من جهتنا لا يزال مفتوحاً".

كذلك، أكد رئيس الوزراء الايرلندي ايندا كيني في رسالة لتسيبراس أن "الباب يبقى مفتوحاً للحوار في ذهنية تضامن ومسؤولية".

رداً على كل هذه المبادرات، سعى تسيبراس لتهدئة الأجواء معتبراً أن الاستفتاء على أهميته يبقى مرحلة من مراحل التفاوض.

وقال في مقابلة استمرت ساعة مع التلفزيون اليوناني العام أن "خيارنا هو البقاء في اليورو... الرسالة إلى الدائنين هي أن الحكومة اليونانية ستظل موجودة على طاولة المفاوضات غداة الاستفتاء".

واعتبر أن فوز الـ "لا" سيعني ببساطة أن الحكومة ستكون "في موقع أفضل للتفاوض مجدداً مع الدائنين".

وأكد تسيبراس على أن الحكومة ستحترم في أي حال "حكم الشعب اليوناني".

من جهته، أكد وزير المالية اليوناني يانيس فاروفاكيس في تصريحات نقلتها صحيفة ديلي تلغراف أن انتماء اليونان إلى منطقة اليورو أمر "غير مطروح للتفاوض" وأن الحكومة اليونانية مستعدة للتوجه إلى القضاء الأوروبي لمنع خروجها من منطقة اليورو.

في أي حال، فإن وكالات التصنيف أخذت في الاعتبار الغموض الذي يلف وضع اليونان منذ إعلان اجراء الاستفتاء واتخاذ اجراءات لمراقبة الرساميل.

فقد خفضت وكالة ستاندرد اند بورز تصنيف اليونان درجة واحدة إلى "سي سي سي-"، معتبرة أن قرار اثينا اللجوء إلى استفتاء هو إشارة سيئة بالنسبة إلى "الاستقرار الاقتصادي" للبلاد، فيما أدرجت وكالة فيتش المصارف اليونانية الأربعة الكبرى في "حالة تخلف جزئي عن السداد".

وإن كانت السلطات اليونانية دعت المواطنين إلى "الهدوء" يواجه السكان أياماً عسيرة إذ يترتب عليهم أن يعيشوا بما يشبه مصروف الجيب حيث أن عمليات السحب في نقاط الصرف الآلي حددت بستين يورو في اليوم حتى 6 يوليو.

أما السياح الذين يشكلون ركيزة حيوية للاقتصاد فهم غير معنيين بالسقف المفروض على سحب الأموال وكذلك أي شخص يحمل بطاقة ائتمان صادرة من بلد أجنبي.