في تصريحات هي الأولى من نوعها، أكد الزعيم الشيعي عمار الحكيم التسريبات التي شغلت بغداد خلال الشهر الجاري، بشأن استئناف الحوار الداخلي بعد جمود استمر شهوراً، وتشكيل كتلة سياسية جديدة، ملمحاً إلى منح أياد علاوي رئيس الوزراء الأسبق، منصباً سياسياً مثيراً للجدل.

Ad

وقال الحكيم خلال ملتقاه الأسبوعي: «أؤمن بأن أفضل فرص التسويات التاريخية تتوافر عندما تصل الأمور إلى نقطة الجمود السياسي! عندها تكون التسويات التاريخية قد أطلت وأصبحت في متناول اليد، وأقول التسويات التاريخية لا الترقيعية».

وقال الحكيم الذي يتحدث باسم كتلة شيعية قد ينخرط فيها نحو 80 نائباً، إن «2015 هو عام حسم الجدل حول مستقبل العراق، وأؤكد لكم أن العراق في أفقه المنظور سيبقى واحداً موحداً».

ويعتبر الحكيم وحدة العراق أهم نتائج التسوية المتوقعة، رغم أنه يعترف بصعوبة الأمر قائلاً: «قد لا نعرف الشكل النهائي للعراق الموحد، وما إذا كان عراق فدراليات وأقاليم، أم عراق محافظات تتمتع بسلطات كبيرة ونظام لامركزي، ولكن المهم أننا أصبحنا واثقين بأننا نسير نحو عراق موحد».

ورغم أنه لم يفصح عن كثير من التفاصيل، فإنه ظل يردد الحاجة إلى «همة القادة الشجعان لنحقق اختراقاً سياسياً تاريخياً». وقال في انتقاد واضح لسياسة الحكومة «إن الإصلاح مسؤولية الجميع، ولا يمكن لهذا العراق أن يقاد أو يدار بلون واحد ومزاج واحد ورؤية واحدة، بينما يبقى الآخرون ينتظرون ويراقبون وهم تحت دائرة الخطر والتحدي، ومن ثم يدفعون ثمن سوء الإدارة».

وأشار الحكيم لأول مرة إلى مشروع قديم طرح عام 2010 لتأسيس مجلس سياسات عليا يرأسه أياد علاوي، لدعم التوافق الداخلي والتطبيع مع المحيط العربي، لكن نوري المالكي حال دون تنفيذ ذلك الاتفاق.

 وقال الحكيم إنه سيناقش «إطلاق حزمة القوانين التي تمثل أولوية في إعادة هيكلة الدولة والمجتمع... وسنعمل على التشاور مع القادة السياسيين من أجل إعادة تفعيل مجلس السياسات العليا، وإطلاق مجلس الإعمار والتنمية»، ما يعني تفاوضاً حول توزيع الصلاحيات السياسية والاقتصادية ومنع احتكارها من قبل حزب الدعوة الحاكم.

 وأضاف متحدثاً عن الوضع في الشرق الأوسط ومحاولاً الربط بين التسوية الداخلية وما يحدث في الخارج: «كنا نراقب الحراك الدولي والإقليمي في منطقتنا، وكيفية تغيير القواعد السياسية التي بنيت عليها المنطقة».

وأعرب الحكيم عن اعتقاده بأنها أوضاع «تقترب من الحسم؛ لنكون أمام قواعد سياسية جديدة، وعلينا ألا نبقى متفرجين نترقب من الآخرين تحديد اتجاه البوصلة، ونوعية العلاقات التي ستربطنا مع هذا الواقع الجديد... ومن هنا تأتي الحاجة الفعلية إلى تفعيل مجلس السياسات العليا».

وكانت مصادر رفيعة في بغداد تحدثت عن استئناف جولات الحوار بين القوى العراقية الرئيسة، للرد على تهديدات متواصلة بقلب نظام الحكم يطلقها حلفاء نوري المالكي. وذكرت أطراف مقربة من الحكيم، أنه زار أربيل والسليمانية لمناقشة رغبة ملحة تتحدث عنها مرجعية النجف، بالتخلص من «الابتزاز المسلح» الذي يمارسه أتباع المالكي للحكومة. حتى أن رئيس الوزراء الأسبق أياد علاوي ينخرط وفق المصادر، في إنتاج كتلة نيابية «عابرة للطوائف» هدفها «محاصرة كتلة المالكي وإخراجه من الحياة السياسية، لأنه صار يشكل خطراً انقلابياً جاداً للغاية». ويذكر هؤلاء أن الحكيم سينسق مع الأكراد والقوى السنية، بينما سيصمم علاوي رسائل إلى المحيط الإقليمي لبحث «فصل جديد» قد يشهده العراق.