شوارعنا أضحت ساحات إرهاب، يمارسه بشر لا يكترثون للقانون ولا للأخلاق، وأصبحت القيادة في الدولة مخاطرة ومصدر قلق يومي ندفع ضريبته من دون سبب.

Ad

قانون المرور في إجازة، مثله مثل كثير من قوانين الدولة.

قبل أربعة أيام حدثت قضية "قتل خطأ" وكأنها قتل عمد، القاتل تخطى الإشارة الحمراء، وصدم سارة التي ماتت في الحادث، من هي سارة ومن تكون؟ لا يعرفها طبعاً من أزهق روحها برعونته وطيشه، ولا يعرفها كثيرون، رغم أنها ضحية تمثل المئات إن لم تكن من آلاف الأبرياء الذين تزهق أرواحهم كل يوم من إرهابيي الشوارع.

وكتبت د. فاطمة خداده في رثائها الآتي:

"حين يبلغ عدد الوفيات من الحوادث في دولة الكويت ما يقارب الـ١٠ في المئة ولا أحد يهتم. حين نسمع بخسارة الدولة 7 مليارات دولارات بشكل سنوي نتيجة حوادث المرور ولا أحد يهتم.

يذهب ضحيتها شخص من بين كل عشرة من أصدقائنا وأقاربنا، أعزائنا وجيراننا، شبابنا وشيوخنا، ولا يسعنا سوى أن نترحم عليهم وأن ندعو لهم بالمغفرة، ثم نسأل الله أن يبعد عنا شر الحوادث، وما هي إلا أيام ونرى أنفسنا أمام مصيبة أخرى وعزيز آخر أخذته الطرق منا، فندعو له بالرحمة والمغفرة ونمضي لا نلتفت كأن الدعاء وحده من دون عمل ومن دون تشريع وقوانين وحملات مكثفة وتغير في نفوس سائقي المركبات سيأتينا بالحل!

وقف الشعب والحكومة وقفة واحدة ضد التفجير الإرهابي في مسجد الإمام الصادق، فرفعنا أصواتنا ورأينا الكل رافعاً صوته استنكاراً لما جرى في وطننا الحبيب من مصيبة بالغة، فأُنشدت الأناشيد وغُنيت الأغاني وصُرحت التصاريح، وبين ليلة وضحاها أُقرت قوانين لحفظ أمن وطننا الغالي.

فما بال المئات التي تموت سنوياً جراء حوادث المرور؟

إنها طبيعة الإنسان يفزع عند الأزمة الحادة ويهمل الأزمة الباردة، كمثل المريض يهمل الضغط والسكر فتأتيه سكتة قلبية توقظه من السكرة التي هو فيها، فهل نسكت إلى أن يموت عزيز آخر، وكل من سكن هذا الوطن عزيز علينا، أم لا نتكلم إلا حين يأتينا حادث ضخم يذهب ضحيته الكثير والعياذ بالله...؟

فيا أمة ويا شعب ويا حكومة ونواب، يا من فقد غاليا وحبيباً... الحل واجب ونحن مسؤولون جميعاً، والحل سهل إذا ما اهتم كل منا بهذا الموضوع كاهتمامنا بالتفجير الإرهابي، وهو وإن كان فاجعة، فقد مات منه عدد أقل بكثير ممن يموتون من الحوادث.

رحم الله سارة البغلي، طالبة "طب" في العشرين من عمرها، ذهبت ضحية الاستهتار في الشوارع واللامبالاة، بقدر ما تألمت لموتها لا تستطيع هذه الكلمات أن تعيدها إلى أهلها وذويها، ولكن أملي أن نمنع عائلة أخرى من فقدان حبيب لها، فإن لم نفعل شيئاً كشعب فهو حادث لا شك والعياذ بالله".

***

 كان الله في عون أهل سارة وأهالي كل ضحايا "حرب الشوارع"، وكم نحلم أن ينتهي كابوس الرعب من شوارعنا، ونأمن على أنفسنا من نزق وهوس إرهابيي الشوارع.