طرح وزير الثقافة المصري عبدالواحد النبوي خلال حضوره مهرجان الإسكندرية السينمائي الأخير، ضرورة أن يحصر العاملون بالمجال السينمائي مجموعة القوانين التي تعوق صناعة السينما من ناحية والمشكلات التي تحتاج إلى استحداث تشريعات للتغلب عليها من ناحية أخرى، والتعويل على البرلمان المصري المرتقب لتعديل المنظومة التشريعية المتعلقة بالعمل الإبداعي والسينمائي في البلاد.

Ad

أثار الأمر انطباعات مختلفة وردود فعل متباينة من القيمين على صناعة السينما، إذ أعربوا عن قلقهم من سوء استخدام القانون لفرض قيود على حركة الفن، في حين اعتبر آخرون الحديث {تسويفا} لا أكثر، واستغل البعض الآخر الفرصة للتذكير بما تحتاج إليه السينما من القانون لعلاج مشكلاتها.

اعتبرت الناقدة الفنية خيرية البشلاوي انتقدت كلام الوزير عبدالواحد النبوي حول مشكلات السينما {خطاباً شكلياً}، فيه من التسويف أكثر من الرغبة في حل الأمور، والمسكنات أكثر من المحاولات الجادة لإصلاح الأزمات والمشكلات التي تعانيها السينما، والتي ترى البشلاوي أنها لا تحتاج أبداً إلى البرلمان، مشيرة إلى أن تلك التصريحات تفضح عدم وجود نية لحل لمشكلات المعروفة للجميع على المدى القريب.

وأضافت البشلاوي أن تركيبة البرلمان المصري المرتقب لن تسمح بتعديل يضيف إلى الفن والسينما في مصر، فتكتلات سلفية كافية لإيقاف أية تشريعات أو بنود قانونية تدفع نحو حرية السينما واستقلالها، مشيرة إلى أن الدولة نفسها تنظر إلى الحركة الفنية باعتبار أنها تفسد أخلاق المجتمع، حتى لو لم يظهر ذلك الاتجاه بشكل مباشر، فكيف ننتظر شيئاً عكس ذلك تحت قبة البرلمان؟

ورغم تشديدها على أن الفن لا يجب أن يتم التعامل معه بلغة القانون والتشريعات، أو على الأقل الإفراط في استخدام ذلك الحق، فإنها طلبت في حال استحداث تشريعات وبنود قانونية لتنظيم عمل السينما التطرق إلى مشكلات كسرقة وقرصنة الأفلام، أو احتكار السوق في يد قلة من المنتجين، ورفع يد المؤسسات الرقابية عن المضامين الفيلمية، وأن تسهم القوانين في ذلك لا العكس.

الفنان محمود حميدة يرى بدوره أن صناعة السينما في كثير من دول العالم تشهد ازدهاراً نتيجة دعمها بمنظومة قوانين تسهم في دفعها إلى الأمام وازدهارها، فأميركا والهند على سبيل المثال ربطتا القوانين بالسينما لتشجيع مجالات استثمارية بحتة تعزز الإقبال على الأفلام ودور العرض وتجذب صانعي الأفلام من بلدان أخرى وتوفر الأستديوهات والمناظر الطبيعية، والتسهيلات كافة في هذا المجال، وهي أمور لن تسير بهذه السلاسة إلا عبر تسهيلات قانونية ووعي بدور السينما. وأضاف أنه على المستوى المصري، فإن أحد أسباب تدهور السينما يرجع إلى غياب قانون ينظم صناعة السينما، وهو أمر يترتب عليه خلل في نواحٍ فنية عدة، ناهيك بشيوع ظواهر سلبية كالاحتكار، والذي {أرى أنه في ظل عدم ردعه بالقانون لا يصبح احتكاراً وإنما بلطجة، لا سيما أن فئات عدة داخل الوسط تصاب بأذى نتيجة ذلك، وأبرز مثال ما تعانيه السينما المستقلة والشباب الذين يمثلونها.

يعتقد الناقد الفني طارق الشناوي أن حديث وزير الثقافة صحيح من الناحية {النظرية}، فصناعة السينما تحتاج إلى منظومة تشريعية متكاملة، في أمور عدة كالضرائب وآليات بناء دور العرض وصناعة الأفلام، بالإضافة إلى تصاريح التصوير في مناطق الآثار والمعابد، أو استخدام معدات توفرها وزارة النقل، واستقبال أفلام أجنبية للتصوير بالداخل، وهي كلها أمور تقف على أرضية مشتركة بين صانعي الأفلام ومؤسسات في الدولة، ولن تخرج عبر قرارات وزارية إنما من تحت قبة البرلمان كما طرح الوزير.

وأبدى الشناوي تخوفه من عدم قدرة البرلمان بتركيبته التي تطغى عليها السياسة، من فهم مشكلات السينما وتقييم الأمور المتعلقة بالفنون بشكل جيد ومناقشتها وطرحها بطريقة موضوعية تصب في مصلحة الفن في النهاية، مشيراً إلى أن فناناً واحداً أو مخرجاً أو مثقفاً في مجلس الشعب كخالد يوسف لو أصبح عضواً، فلن نضمن أن يرجح الـ 600 عضو الباقون قوانين تشجع المناخ السينمائي وتعمل على ازدهاره.

وأشار الشناوي إلى ما وصفه بـ{أحد الوجوه السيئة} لسن التشريعات المتعلقة بالسينما، وهو توظيفها بشكل يحارب الإبداع ويفرض مزيداً من القيود على حرية طرح الأفكار والموضوعات أو معالجتها بشكل جريء، قائلاً: {هذا وارد جداً، وما يشجعه أن ثمة قبولاً لذلك في صفوف الشعب الذي لن يمانع من تطويع القوانين السينمائية بزعم ممارسة دور أخلاقي و ما شابه}.