هل يستعد التنين الصيني لتحقيق معجزة اقتصادية جديدة؟

نشر في 27-08-2015
آخر تحديث 27-08-2015 | 00:07
No Image Caption
مازالت الصين تعتمد على الغرب في المنتجات المعقدة جداً مثل الطائرات والروبوتات الصناعية، وتطمح لتصبح قوة مؤثرة في السوق العالمي لهذه الفئة من المنتجات، ويظهر هذا الطموح من خلال تأمل قطاع النقل بمجالاته الثلاثة: السيارات والسكك الحديدية والطائرات.
توقع تقرير لمجلة "دير شبيغل" الألمانية أن يشهد الاقتصاد الصيني ـ ثاني أكبر اقتصادات العالم ـ "نقطة تحول" فاصلة تعيده الى تحقيق معجزة جديدة، حيث تنقله من اقتصاد يعتمد على أفكار الغرب إلى اقتصاد "ابتكاري" ينافس بقوة في مجال التكنولوجيا المتقدمة.

فالصين مازالت تعتمد على الغرب في المنتجات الأكثر تعقيدا مثل الطائرات والروبوتات الصناعية، وتطمح لأن تصبح قوة مؤثرة في السوق العالمي لهذه الفئة من المنتجات، ويظهر هذا الطموح الصيني من خلال تأمل قطاع النقل بمجالاته الثلاثة: السيارات والسكك الحديدية والطائرات.

السيارات

عندما بدأت الصين في تأسيس قطاع السيارات في الثمانينيات من القرن الماضي سمحت بدخول الشركات الغربية للاستفادة من خبرتها في القطاع، لكنها أجبرتها على تكوين شراكات مع المؤسسات الحكومية الصينية حتى يكون نجاحها جزءا لا يتجزأ من نجاح اقتصاد الدولة ككل.

وبعد 35 عاماً لم تنجح الصين في منع سيطرة المصنعين الأجانب على سوق السيارات الصيني، فعلى صعيد الفئات الفاخرة تستحوذ العلامات التجارية الألمانية مثل "مرسيدس" و"بي إم دبليو" و"أودي" على 70 ـ 80 في المئة من السوق، كما تهيمن الشركات الأجنبية على ثلثي مبيعات السيارات العادية بالصين.

ورغم إخفاق الصين في تحقيق مستهدفها بسيطرة الشركات المحلية على سوق السيارات فإنها لم تخسر من دخول الشركات الأجنبية للسوق المحلي بفضل اتفاقات الشراكة التي ضمنت لها حصة كبيرة من الأرباح.

السكك الحديدية

يشهد قطاع السكك الحديدية ازدهارا في الصين ليصبح رائدا رئيسيا في السوق العالمي بهذا المجال، وقد انطلق أول قطار فائق السرعة في الصين منذ 8 أعوام، وتطورت الشبكة تطورا لافتا خلال هذه الفترة لتغطي حاليا نحو 16 ألف كيلومتر أي ما يفوق المسافات التي تغطيها نفس القطارات بدول العالم مجتمعة.

وتتمتع الصين بأطول وأعلى شبكة للقطارات فائقة السرعة في العالم، ويستخدم ما لا يقل عن 2.5 مليون راكب هذه الرحلات يوميا، أي أن عددهم منذ نهاية عام 2014 قد يصل إلى ثلاثة مليارات شخص.

وعلى غرار قطاع السيارات بدأت الصين تطوير قطاع السكك الحديدية بعقد شراكات بين المؤسسات الأجنبية والوطنية، لكن على النقيض، نجح القطاع المحلي هذه المرة في أن يصبح منافسا قويا على الصعيد العالمي، وتقوم الشركات الصينية حاليا بإنشاء خطوط للسكك الحديدية في كل من السعودية وتركيا والأرجنتين ومشروعات لمترو الأنفاق في كل من كوالالمبور وأنقرة وبوسطن.

الطائرات

يشهد قطاع الطيران المدني في الصين نموا هائلا، حيث تتوقع "بوينغ" أن تشتري شركات الطيران الصينية 6000 طائرة خلال الـ18 عاما المقبلة أي بمعدل ست طائرات أسبوعيا، كما يقوم 60 مطارا من مطارات الصين المائتين بعمليات توسعة وتطوير، وتخطط الدولة لإنشاء ثلاثين مطارا جديدا، وتوقع التقرير أن تصبح الدولة الآسيوية أكبر سوق للطيران في العالم خلال فترة وجيزة.

هذا على الجانب التجاري، أما عن الجانب الصناعي الذي يشمل طموح الصين لأن تصبح منافسا عالميا في مجال تصنيع الطائرات فالأمر يختلف كثيرا.

وتقوم الصين حاليا بوضع اللمسات النهائية لطائرة "Comac C919" قبل تجربتها في وقت لاحق هذا العام، وهي طائرة تجارية للمسافات القصيرة والمتوسطة تحت الإنشاء، وتقوم ببنائها شركة الطيران التجارية الصينية "كوماك".

وتطمح الصين إلى كسر الاحتكار المزدوج لشركتي "بوينغ" و"إيرباص" في قطاع تصنيع الطائرات بأن تصبح لاعبا رئيسيا في هذا المجال، لكن الأمر يختلف مقارنة بقطاعي السيارات والسكك الحديدية، حيث استطاعت الشركات المحلية المضي قدما في الإنتاج بمفردها دون الحاجة للخبرة الأجنبية.

فصناعة الطائرات تحتاج إلى الاهتمام بتفاصيل دقيقة جدا، ويعتبر تصنيع وتطوير "محرك الطائرة" محليا أكبر التحديات في هذا الإطار، فالعملية قد تتطلب ابتكار تقنية جديدة في أثناء عملية التصنيع ولا يكفي الاعتماد على تقليد النموذج الغربي للنجاح في صناعة المنتج كما الحال في السيارات والقطارات.

وتحتاج الصين إلى الاستعانة بخبراء التكنولوجيا المتقدمة الغربيين لإتمام مهمتها لبناء قطاع الطيران والتي ستستغرق وقتا أطول وتحتاج لمزيد من الصبر.

وإذا نجحت الصين في تصنيع الطائرات فلن يكون هناك مجال صناعي آخر يصعب عليها تستطيع التفوق فيه لتلحق بركب القوى الصناعية الكبرى التي بدأت مشوارها بتقليد المنتج الغربي مثل ألمانيا واليابان.

(أرقام)

back to top