قانون ديوان حقوق الإنسان جاء نتيجة تنازلات وتوافق سريع بين الحكومة ولجنة حقوق الإنسان البرلمانية من أجل إخراجه مبتسراً قبل نهاية دور الانعقاد، ومن المؤكد أن تعديله ليتلاءم مع المتطلبات الدولية يحتاج إلى جولة أخرى من المفاوضات مع الحكومة، وربما في مجالس لاحقة.
أول العمود:14 مليون إطار في منطقة جنوب سعد العبدالله مرمية هكذا في التراب بلا أدنى مسؤولية... أين مسؤولو البلدية وهيئة الصناعة؟***أقر مجلس الأمة قانون إنشاء الديوان الوطني لحقوق الإنسان يوم الأربعاء 24 يونيو 2015 ضمن جلسة امتدت حتى السادسة مساءً في أجواء رمضانية صيفية مرهقة. وهي خطوة إيجابية جزئياً، وفي الواقع هناك أسباب سياسية أدت إلى هذا الحدث، فالذاكرة تجرنا إلى الوراء وتحديداً إلى عام 1996 عندما طُرِح الموضوع للنقاش البرلماني بمقترح بدائي (الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان) ملحقة بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل! ومع ذلك دُفِنت الفكرة بسبب الصراعات الأيديولوجية والفكرية بقيادة التيارات الدينية التي كانت ولا تزال ترى في حقوق الإنسان نسيجاً غربياً!كان ذلك في ظل غياب أي دور حكومي في إنشاء جهة مستقلة تعنى بحقوق الإنسان رغم إنجاز وصدور «مبادئ باريس» عام 1993، والخاصة بمتطلبات إنشاء المؤسسات المعنية بحقوق الإنسان، ورغم النقد الذي توجهه المنظمات الحقوقية إلى ملف الكويت الإنساني.اليوم أصبح لدينا ديوان، لكن المشكلة أن كل هذا الجهد الذي بُذِل في اللجنة البرلمانية المعنية مع الأطراف الحكومية لم يحقق المتطلبات الدولية الأساسية من ورائه... كيف؟مسألة تبعية الديوان لمجلس الوزراء لا البرلمان تعد خللاً سيؤثر على درجة الامتثال لمعايير تصنيف هذه المؤسسة دولياً بين (أ، ب، ج)، وهذا التصنيف يتطلب أيضاً شروطاً شفافة لتعيين مجلس الإدارة والموظفين، بما يحقق مبدأي الكفاءة والخبرة وعدم إقصاء أي مكون مجتمعي، إضافة إلى عدم النص على عقوبة لمن يمتنع عن تقديم معلومات إلى الديوان.ذلك، إضافة إلى ملاحظات تفصيلية مثل اشتراط خبرة 5 سنوات لعضو الديوان في مجال حقوق الإنسان دون تحديد لطريقة فحص هذه الخبرة لتخصص لم يتمكن بعد في محيط المجتمع المدني الكويتي.ملاحظة ثانية هي أن القانون يقف عند الاكتفاء بعرض تقرير الديوان السنوي على السلطتين دون توضيح ما يترتب على هذا العرض (مادة 6 فقرة 5) وهل سيكون مصيرها كمصير تقارير ديوان المحاسبة؟!وثالثة، في مسألة شكل مشاركة الديوان في كتابة التقارير للمحافل الدولية، حيث إنه «يساهم» مع جهات أخرى (كما في مادة 6 فقرة 7) إضافة إلى الجهات الحكومية والجمعيات الأهلية! فأين الاستقلالية هنا؟ ولا أعلم إن كانت الممارسة العملية ستظهر «المخلب» المأمول للديوان لصيانة حقوق الإنسان في الكويت، وهذا لن يكون قبل سنة من الآن على أقل تقدير، وذلك لأسباب النشأة والتكوين.وأضيف أنه سيكون أمام الديوان اختبار قاسٍ في مسألة التوظيف والتعيين، خاصة في ظل التنافس الشرس لاحتلال المناصب في البلد من أجل المنافع السياسية والاجتماعية والمصلحية... ونأمل ألا يحدث ذلك. وإن كان القانون الحالي جاء بموجب تنازلات وبتوافق سريع بين الحكومة واللجنة المعنية من أجل إخراجه مبتسراً قبل نهاية دور الانعقاد فمن المؤكد أن تعديله ليتلاءم مع الشروط التي ذكرناها يتطلب جولة أخرى من المفاوضات مع الحكومة، وربما ليس في هذا المجلس.
مقالات
ديوان حقوق الإنسان
28-06-2015