المناظرة «الديمقراطية» الأولى: كلينتون وساندرز يقتسمان الحزب
بايدن الخاسر الأكبر والسياسة الخارجية تنال أقل اهتمام
أظهرت المناظرة التلفزيونية الأولى للمرشحين الديمقراطيين، التي جرت أمس الأول في مدينة لاس فيغاس الأميركية، أنه لايزال ممكناً الاستماع إلى مناظرة سياسية «مفيدة» تخاطب الأميركيين في همومهم الاقتصادية والمعيشية، بعيداً عن الهجمات الشخصية ومحاولات اللعب على عواطف الجمهور.على الأقل هذا ما قالته التعليقات الأولى التي أعقبت المناظرة، خصوصاً أنها كرست نتائج استطلاعات الرأي في تصنيف المرشحين وشعبيتهم. فقد تمكنت هيلاري كلينتون من الحفاظ على موقعها الأول في مواجهة المرشحين الآخرين، وأظهرت أنها خصم عنيد قادر على خوض شتى أنواع الحوارات والمناظرات.
محطة «سي إن إن»، التي نظمت الحدث بالتعاون مع موقع فيسبوك، أكد معلقوها وبعض الاستطلاعات الميدانية المباشرة أن كلينتون ومنافسها بيرني ساندرز كرسا استئثارهما بغالبية أصوات الديمقراطيين، مستبعدين تمكن مارتن أومالي، حاكم ولاية مريلاند السابق، من تحسين موقعه رغم أدائه الجيد خلال المناظرة.كما حسمت التعليقات بأن نائب الرئيس الأميركي جوزف بايدن هو الخاسر الأكبر بعد تلك المناظرة مستبعدة ترشحه، بعدما احتكرت كلينتون وساندرز القضايا الكبرى، وتمكنت كلينتون من الظهور بمظهر الوريث الحقيقي للرئيس باراك أوباما، رغم محاولات تميزها عنه في الفترة الأخيرة.ساندرز بدوره تمكن من تمثيل الخط السياسي الأكثر راديكالية داخل الحزب، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن صداقته مع أوباما مكنته من تبادل الكثير من الآراء التي تدعم نظرته للديمقراطية الاشتراكية أو الاجتماعية تخفيفاً.وكان واضحاً أن مقدم البرنامج والمتحاورين لا يرغبون في التطرق كثيراً إلى شؤون السياسة الخارجية، التي لم تستأثر إلا بسؤال أو اثنين حول صراعات الشرق الأوسط. كلينتون، وزيرة الخارجية السابقة، تقدمت على كل منافسيها في هذا المجال، وقدمت رؤية واضحة ميزتها عن أوباما، خصوصاً في الشأن السوري.كما أفشلت محاولات النيل منها في قضية حرب العراق، حين ذكّرت بأن منافسها باراك أوباما في انتخابات عام 2008 استخدم ضدها هذه الحجة، لكنه عاد وكلفها بملف السياسة الخارجية لثقته بأحكامها في هذا المجال.ساندرز، الذي حاول النيل منها في ملف علاقتها بـ»وول ستريت» شارع المال في نيويورك، وجد نفسه في موقف دفاعي من قضية السلاح وتجارته في الولايات المتحدة، مقابل كلينتون التي أعلنت مع أومالي معارضتها المطلقة لـ»جمعية السلاح الوطنية».لكن موقفه الحاسم بضرورة إغلاق ملف «البريد الإلكتروني» الخاص بكلينتون، مطالباً بالكف عن التلاعب بعقول الأميركيين وحرف أنظارهم عن القضايا الحقيقية، عزز النظرة إليه بأنه رجل دولة بامتياز، قادر على إدارة خلافاته وأحكامه بعيداً عن مصالح آنية، خصوصاً أن تقديرات توقعت أن يستغل قضية البريد الإلكتروني للهجوم على كلينتون. كذلك فإن تخبط الجمهوريين أنفسهم حول هذا الملف قد يكون سبباً كافياً لساندرز للامتناع عن استغلال هذا الملف الخاسر أصلاً.أجمعت كل التعليقات على أن ساندرز قد لا يتمكن من توسيع رقعة مؤيديه المركزة في أوساط الشباب والفئات الأكثر راديكالية، نحو الجمهور الديمقراطي والمستقلين من ذوي الميول المحافظة أو على الأقل الأكثر رصانة في نظرتهم إلى القضايا السياسية والاقتصادية.في المقابل، على كلينتون أن تبذل جهداً مضاعفاً لاختراق تلك الفئة، رغم سيطرتها على ما يمكن وصفه بـ»الانتلجنسيا الديمقراطية» وعلى إجماع الطبقة السياسية في الحزب.